ليس مستغربا ان تجند قوى الاستعمار والمخابرات الدولية شخصا عميلا بصفته رئيسا او ملكا للبلاد ؛ او حتى وزيرا او مديرا عاما ... الخ ؛ الا ان العجيب في الامر ان يركس الكل - الا ما رحم ربي - في وحل العمالة والخيانة : رؤساء و وزراء ومدراء واحزاب وجماعات وتجار واعلاميين وكتاب وصحفيين ورجال دين ومفكرين وشيوخ عشائر وناشطين ومتظاهرين وفنانين ... الخ , وبالجملة , بحيث اصبح العرض اكثر من الطلب , فبدت ظاهرة العمالة طافية على السطح بل وتتصدر المشهد العام , وفاحت رائحة تعفن الخيانة في الوزارات والدوائر والمنظمات ومقرات الاحزاب ... .
تخيلوا ان بعض البرلمانيين يتباهى وامام الملأ بأنه عميل للمخابرات المركزية الامريكية , واخر بانه من اتباع الدولة الفلانية وثالث بانه يفضل مصلحة المذهب او الامة العربية على مصلحة العراق والعراقيين , بل ان بعض المرشحين لمنصب رئيس الوزراء تشدق قائلا في احدى الجلسات الخاصة : بأن علاقته ب ( بريطانيا العظمى او ابو ناجي ) تمتد لعقود مذ كان ابوه وزيرا في العهد الملكي ..!
نعم يكاد لا يخلو عصر من الخيانة والعمالة ولاسيما في المجتمعات المريضة و المأزومة والمضطربة ؛ الا ان النسب تختلف بين عصر واخر ومرحلة واخرى ؛ بحسب التحديات الخارجية والازمات والمصاعب الداخلية ؛ فكلما تكالب الاعداء على الوطن وتعددت عناوينهم زادت نسبة العملاء والجواسيس وتباينت شعاراتهم وادعاءاتهم , والعكس صحيح ؛ فلو خضع البلد لمستعمر واحد او قوة دولية واحدة ؛ وجدت العملاء المتنفذين فيه من خامة واحدة على مقتضى متطلبات القوة الاستعمارية وعندها ترى الحزب الواحد والقائد الضرورة والزعيم الاوحد يتصدر المشهد ويخون ويحارب كل ما هو وطني بحجة حماية الوطن وخيانة الطرف المعارض وارتباطه بالخارج ... الخ .
نعم هنالك استثناءات سياسية ؛ فالاتفاقات التي تتم بين القادة والزعماء الوطنيين المخلصين وبين قوى الاستعمار والاستكبار العالمي وان تضمنت بعض التنازلات المجحفة والتي تفرضها الظروف السياسية الدولية و واقع الحال ؛ لا تعني بالضرورة عمالة او خيانة للوطن او المواطن او المكون .
# رياض سعد