دوام الحال من المُحال

بين الحين والآخر نغرق جميعًا بمشاغل الدنيا وننسى تفاصيلها الصغيرة والنِعم التي تحيطنا. ولا نستيقظ من هذا الحلم إلا عندما نفقد إحدى تلك النعم التي اعتقدنا أنها دائمة! مررت كما مر معظمكم بتجاربٍ كانت بمثابة صفعةٍ أعادتني لأرض الواقع وجعلتني أعي ماهية الحياة حقًا! بالنسبة لي، عندما أقوم بتذكير نفسي بأهمية من حولي من عائلة وأصدقاء وأحباب، وبأهمية الامتنان لكل ما يحيطني من نِعم اعتدت على رؤيتها ففقدت قيمتها بحياتي عندها، عندها فقط! أرى أنني محظوظةٌ جدًا وحياتي سعيدة للغاية لمجرد امتلاكي ما أملكه أصلًا.

 

إما أن ترى الحياة مليئة بالمعجزات او خالية منها تمامًا!

عندما أخيرًا أضع رأسي على الوسادة لأنعم بنومٍ هانئ تراودني أفكارًا كثيرة وصاخبة للغاية! تتعلق بمقدار الرضا بجودة يومي، فيصرخ عقلي بجُملٍ كالتالي، "لم استثمر وقتي بشكلٍ أفضل!" لم أنهي بعد ما خططت لدراسته اليوم!" لم أغذي جسدي بوعي أكبر! "نسيت أن أخصص وقت لعائلتي!"، " لم أمارس أي مجهودٍ بدني!"، والندم يستمر... ولكن، بدأت باتباع عادة صرفت تفكيري تمامًا عمّ لم انجزه الى ما أنجزته، وبدأت باستشعار نِعم لم اكن استشعر وجودها! أتصور دائمًا أننا مثل الهامستر المقيد بوهم الدولاب المتحرك، نركض بسرعة وبلا وجهة. فلا نتمهل لتأمل جمال الحياة بتفاصيلها البسيطة، نركض دائمًا للمستقبل بعيدين أتم البعد عن عيش حاضرنا! جلّ ما أقول هو، هل أنت واثق أنك ستعيش مستقبلًا؟ ولا أعني الإبطاء بلا وجهة أيضًا! فالمستقبل وجهتنا ولكن، تأمل يا صاحبي وعِش يومك بأقصى حد، فكل شيء فانٍ. 

 

رحلة مع ذاتك!

دومًا أتخيّل قضاء وقتي بدوني، هل فكرت مليًا من قبل أنك مُلازم نفسك في كل جزء من الثانية؟ ولا مجال للهرب من ذاتك؟ فلمَ تحرمها حق التعرف عليها؟ إن كنت لا أستطيع أن ارتاح من صحبتي لوهلة، فأفضل إذًا أن أسبر أغوارها وأملك أسرارها ليسهل علي ترويضها! تخيل معي يا صاحبي أنك تريد بعض الوقت بمفردك، ويأتي شخصٌ ما لا ينفك عن التحدث معك، على الأغلب أنك ستحاول التهرب بشتى الطرق لتنعم ببعض الهدوء، اليس كذلك؟ ماذا لو كان هذا الشخص هو ذاتك؟ كيف تهرب من ذاتك الى ذاتك؟ الحل الوحيد هو، أن تأخذها في رحلة لاكتشاف كل صغيرة وكبيرة فيها لتملك السيطرة عليها وعلى أفكارها ومشاعرها.

 

الكلمة

أرى خلال عامي الواحد والعشرون أن معظمنا لا يعي بعد عظمة الكلمة التي تخرج من فاهِه او التي يخُطّها بيده! فكّر مرة واثنتان عمّ اذا كان من اللائق أن تقول أو تكتب ما تفكر به، فبلسانك تُحيي وتُميت يا صاح! تحمل مسؤولية كل ما ينتج منك من كلامٍ او أفعال ولا ترضى من نفسك الا كل جميل. لا تحبس مديح أو كلمة حسنة وتقول أنها ليست بالشيء الجلي! وأحبس كل قبيح وإن تراءى لك أنه لن يترك أثرَ. قِس على نفسك وتأمل مواقف عدة سمعت بها شتّى أنواع الكلام وقيّم مشاعرك عند تلقيهم، إن أرضتك فارضي بها غيرك، وإن كان لا داعٍ منها فاكف شرها غيرك.


تم نقل تدويناتي لمدونتي الخاصة دانة محمد – مدونة (danamohammed.blog) تسرني زيارتكم!