أنني مُتعب منذ عام 1983 م ، مُتعب إلى درجة أنني أستطيع أن أعقد مؤتمر يناقش حالات البكاء مع إجابة مفصّلة وتحليلية عن كل سؤال يطرح بوعي ، علاوة على إظهار دهاء وعمق في سبر أغوار الدمع كما لو أنه تخصص أو رسالة ماجستير سبق وأن قدمتها للمختصين في هذا المجال أو أكثر بكثير من ذلك .
بالمناسبة المختصين هم : أنا حاليا وإلى جانبي من بكت ظهر هذا اليوم ! تلك التي أظهرت تعاطفها الصادق عندما أنهارت ودخلت في نوبة بكاء شديدة بتذكرها لعجوز تبكي على الشاشة ! هل عاتبوها عندما بكت ؟ أو بعبارة أدق : هل انتقدوها عندما بكت ؟
لابأس مامن جديد في ذلك ، الكل ينتمي للعقل ، والعقل في المواضيع التي تستوجب وقفة صادقة للقلب يعتبر منطق ! ولكن منطق تم إختراعه وإعتماده بغباء أو لنقل :
بسذاجة من دخل في مناقشة حول مسألة ما ، بالرغم من أن معلوماته بالكاد تكون رؤوس أقلام ؟
كان بودي أن أقول لها : " لايبكي إلا العظماء " بيد أنني لو قلت ذلك سوف أجدني لم أضف إلى معلوماتها وقناعاتها الأبية مثقال حبة من خردل ، أنني أعلم أنها أغزر مني ثقافة ومعرفة وذكاء فيكفي أنها بكت وأحرجتني بتفوق عاطفتها على عاطفتي ، فبالدموع نقارن ونقيس بين العواطف ، بالدموع ترجح عاطفة على عاطفة ، بالدموع نستطيع أن نتأكد من أفضل ديكتاتورية في الوجود " ديكتاتورية القلب " .
كان بودي أن أقول لها :
أننا عندما نتعب نفسياً فإن الدموع هي الوصفة العلاجية المجانية / الفعّالة ، التي لانحتاج لنقود .. وصيدلية .. ووصفة طبيب حتى نحصل عليها ، لطالما شعرت أن مآقينا هي : المستشفيات الخاصة بأوجاعنا النفسية التي لاتكشفها الأشعة والأجهزة الطبية المتطورة ، وهي العيادات المتنقلة التي نصطحبها معنا في كل مكان . ولكن قبل الشروع في قناعاتي تذكرت أننا بإختصار نقدم النصيحة والفائدة لمن لايملكها ولكن تلك الحاني تملك من الوعي مايجعلني أفضّل أن أبحث عن طريقة أخرى لمواساتها بـ إستثناء تذكيرها بإن البكاء
إختبار راقي لـ إنسانيتنا