آ
آيدن

مستقل جدًا في الفروع ، منحاز جدًا إلى الأصول ! صفحتي على الفيس : https://t.co/DqvtdACREM

مدة القراءة: 9 دقائق

ولادة بنت المستكفي : حقيقة أم أسطورة ( 6 – 7 )؟!

أخلاقها ودراسة نفسيتها :

في علم النفس : يرتبط السلوك ارتباطاً وثيقاً بما يلي : الصفات والانفعال والشعور والأفكار والوراثة والخبرات السابقة ؛ ولذا فإني قد استحسنت أن أجمع : بين الأخلاق ودراسة الدوافع لهذه الأخلاق .

مما يُستغنى عن ذكره : بأنه من الصعب على أيِّ محللٍ نفسي أن يُقدِّم تحليلاً نفسياً مكتمل الأداة والصورة : عن غائبٍ لا يراه أو يُجالسه ؛ ولذا فإنّ إخضاع شخصية ولاّدة للتحليل النفسي هو من الفروض القابلة للصواب والخطأ . كما أنّنا لسنا في ذلك سوى مرددين وسائحين بقولٍ قد سُبقنا عليه .

والحق ؛ بأنّ أخلاق ولاّدة ومسالكها هي محل اضطراب وتناقض محيّر عند جميع من أرخ لها !

فالمصادر التي تحدثَتْ عنها ، تذكر بأنّها امرأة سَلْفَع ؛ تُمالط الرجال ، وتُخالط المتأدبة ، وتقول الغزل ، وتنظم الهجاء المقذع !

وتُصرحُ بأنّ هذه السلوكيات الجريئة منها ؛ قد أوجدت وفتحت عليها أبواباً ونمنماتٍ كثيرة بهذا الخصوص ؛ وقد قال في شأنهِ ابن مكي - وهو جريء غير مُكترِث - : " لم يكن لها تَصاون يُطابِـقُ شرفها " !

وبكل شفافية ووضوح أيضاً قد كشفَ الأديب الأندلسي ابن بسّام عن مثل هذا ؛ فقال متناقضاً ومضطرباً في وصف شأنها وحالها : " وكان مجلسها بقرطبة منتدىً لأحرار المصر ، وفناؤها ملعباً لجياد النظم والنثر ، يعشو أهل الأدب إلى ضوء غرتها ، ويتهالك أفراد الشعراء والكتّاب على حلاوة عشرتها ، إلى سهولة حُجّابها ، وكثرة منتابها ، تخلط ذلك بعلو نصاب ، وكرم أنساب ، وطهارة أثواب . على أنّها – سمح الله لها ، وتغمّد زللها – اطّرحت التحصيل ، وأوجدت إلى القول فيها سبيل ؛ بقلّة مبالاتها ، ومجاهرتها بلذّاتها  ... " ا . هـ.

ثم أردّف ابن بسّام قائلاً ومُتحفظاً : كتبت – زعموا – على أحد عاتقي ثوبها :

أنا والله أصلح للمعالي = وأمشي مشيتي وأتيه تيها

وكتبت على الآخر :

وأُمَكنُ عاشقي من صحن خدي = وأُعطي قُبلتي من يشتهيها

وليس تناقض ابن بسّام هو الوحيد ولا اليتيم في التاريخ الأدبي بشأن ولاّدة وعبثها ؛ إذْ قد جاء هذا التناقض عن غير واحدٍ من المؤرخين والأدباء ؛ فعلى سبيل المثال ؛ نجدُ أنّ المقريَّ يقول بأنّها مشهورة بالصيانة والعفاف . وابن نباتة يروي بأنّها كانت ذا خُلق نبيلٍ جميل .

 وعلى أية حال ؛ فمن خلال هذا التناقض الفاضح والواضح في سرد أخلاقياتها وتصرفاتها ؛ فإني أظنُ بأنّ ولادة كانت امرأةً صَـيّانةً لنفسها ، مُحتشمةً بمزاجها ، تعرف حدود ما تأخذه ، وحدود ما تُعطيه ، وأنّ لكل إنسانٍ كان يجري في مضمارها خطُ نهايةٍ ومدى : لا يحق له أن يتعداه أو أن يتجاوزه ؛ إذْ فيما يظهرُ أنّها قد استطاعت أن تُحيط نفسَها بمحدداتٍ أخلاقيّة ، تمكنت باستخدام ذكائها ونباهتها :  أن تحصِرَ جميع أولئك اللاهثين وراء فتنتها في إطارها ( المحددات ) وقيودِها !

 كما استطاعت - ببراعة أنثى فائقة الذكاء أيضاً - : أن تنقلهم ، وتسحبَهم ، ومن ثَمّ تحبسهم في دائرة أخرى ، تستسيغُها هيَ نفسياً ، وتنسجم كذلك مع أنفتِها ومُرادِها ونرجسيتِها ، وهي دائرة : الحب العذري .

ولذا وجدنا ابن زيدون يَصرخ في إعلان إذعانه التام لرغبتها قائلاً :

يا فتيتَ المسك يا شمسَ الضحى = يا قضيب البان يا ريم الفلا

إن يكــن لي أمـــل غيـــر الرضـــا = منــكَ : لا بُلـغـتُ ذاك الأمـلا

فماذا يعني هذان البيتان سوى أنّ ابن زيدون يُعلنُ من خلالهما رضوخه واستسلامه لشروط ولاّدة في دنيا الهوى ؟!!

 ويبدو لي من أمر ولاّدة كذلك ؛ بأنّها كانت تُجيدُ الفهمَ الهندسي للأخلاق البشرية ؛ فرسمت بمِسطرته وبحِرَفيةٍ دقيقة  : لوحةً شاسعةً من الأماني الوهمية والخيالات الفنيّة ، عن يومٍ موهوم مُرتقب كان يتأملهُ منها مُعجبوها : فيحسبونه لجهلهم بولاّدةَ قريباً ، وتراهُ " ولاّدةُ " بعيداً ، بل ومستحيلاً !

وللاستشهاد على نظريتي هذه ؛ فإنّ أحد زوّار ولاّدة ، قد أنشدها قول بشّار :

لا يُــؤيـسنّـــك من مُــخــدَّرَةٍ = قــولٌ تُــغلـظــه وإنْ جــرحــــا

عُسْـــرُ النســـاء إلى مُيــاسرة = والصعبُ يُركبُ بعدما جَمحا

فقالت : إلاّ ولاّدة !!

وأيضاً ؛ فإنّ لها بيتين جميلين ؛ تدفع من خلالهما الريبة عنها ، وتدفع الشكوك فيها ؛ إذْ قالت :

إنــي وإنْ نظـــر الأنـــام لبهجتــي /// كظبــاء مكــة صيـدهــن حــرام

يُحسبن من لين الكلام فواحشا /// ويصدهن عن الخنا الإسلام

ويشهد لولاّدة أيضاً بهذا الأمر الأخلاقي والمنحى السلوكي : مُحبُها وأعرفُ الناس بقلبها وتقلباتها ( ابن زيدون ) ؛ إذْ قد حذّر منافسه اللدود ( ابن عبدوسٍ ) من ألاعيبِ ولاّدةَ وسرابِها ، وطولِ سرابيلِها وكثرةِ أتعابِها ، فقال يشرح لعدوه ما قد يخفى عليه :

وغـرّك من عهـد ولادة = سـرابٌ تراءى وبـرقٌ ومض

تظنُّ الوفاء بـها والظـنـون = وفيها تقول على من فرض

هي الماء يأبى على قابضٍ = ويمنعُ زبدته من مخض

ولقائلٍ أن يردّ هذا الرأي مني : بأنّ لابن زيدون أبيات أخرى توحي بخلاف ذلك ؟!

والجواب عندي : أنّ أثر الغيظ وشهوة الانتقام قد كانا باديين على تلكم الأبيات ؛ فهو يردُّ لها هجاءها وفراقها ؛ بالنيل من سمعتها وعفافِها !

كما أنّ ولاّدة هيَ أيضاً قد قذَفَتْهُ في عِرْضِه ... ولا ندري نحن من هو البادئ في تلكمُ الـمُفاجرَة الشنيعة !

ومع كل هذا ؛ فإني لا أظن بأنّ الذي قد صدّ ولاّدة عن الملاينة وزيادة التهتك : مرجعه كله للورع أو التقوى كما استدلت هي ؛ ولكنه أمر آخر سيجيء ذكره عند الإيغال في نفسيتها والإبحار في شخصيتها - كما هو يلي :

انحسارُ الأضواء عن ذوي الهيئة والشهرة يؤدي بهم – عادةً – إلى تصرفات لا تنبع من صميم طباعهم أو أخلاقهم أو اعتقادهم أو قناعاتهم !

فعلى سبيل المثال المعاصر ؛ فإنّ " ديانا سبنسر " طليقة الأمير تشارلز ( ولي عهد بريطانيا ) قد فعلت الكثير لكيما تبقى في دائرة الضوء بعد طلاقها ؛ ووصل بها الأمر إلى افتعال الصخب من خلال صنعها لعلاقات غرامية زائفة : أشهرها ما قد كان مع دودي الفايد الذي قُتلت أخيراً معه !

قبلها كانت أرملة الرئيس الأمريكي جون كندي ( جاكلين ) قد ارتضت بالزواج من الملياردير اليوناني " أوناسيس " واشترطت عليه في عقد الزواج أن يناما في غرفتين منفصلتين ؛ كل هذا : لتبقى في دائرة الضوء ، وتقوى على ضجيج الشهرة !!

وعوداً إلى ولاّدة ؛ فإنّها كانت فتاة نابهة ذكية لعوباً شجية ، أنصفها التاريخ وظلمها علمُ الاجتماع !

تفتحت عيناها فرأت عرْشاً مُمزقاً ، ومُلكاً منخرماً ، وأعراقاً نديةً على وشك أن تيبس وتجف !

بهذا التصور والألم ؛ فإنه ما كان لها إلاّ أن تضخَّ دماءَ الماضي التليد : بعودِها الريان الرغيد !

مالت إلى الأدباء ، وفي صدرها حقدٌ تاريخي ، ومرحٌ روحي ، ونرجسية نفسية ؛ فارتأت لأجله أن " تعبث بالقلوب وتُحطمها ، تمنحُ مودتها لمن تشاء ، وتستردها متى تشاء ، فلم تكن في ودها كاذبة ، ولا في رجوعها غادرة ، وإنّما هو طبعها الهازئ ، تستلذ خفقات القلوب ، فتتبدل واحداً بعد آخر"  ( 1 ) .

ولكن يا ترى : لِـمَ الأدباء فقط ؟!

سبب ذلك – فيما أفترضه – لأمرين :

•    أن مكانة الأدباء في الأندلس كانت رفيعةً وسامقة ؛ بل هم طبقة تجيء بعد السلاطين والفقهاء في المرتبة ، وكان من المستحسنات عندهم في ذلكم الزمن أن يكون الوزير ذا صنعة في الأدب والترسل .

•    أنّ الأدباء هم أضعف حلقات المتميزين من ناحية رغبات ولاّدة : فلديهم ضعف العاطفة وسرعة سيلانها ؛ وبعد ذلك فإنّ سهولة التأثير عليهم ستكون أيسر بكثيرٍ عند غيرهم . وهي أصلاً – أي ولاّدة – إنّما تبحث عن وجيه يتساوق في مرتبته مع مرتبتها الاجتماعية السامقة ، ومُميز يقدرُ على فهم نباهتها ويستحلي مزاياها ؛ فيُفتنُ بعدئذٍ بها ، وتتفرغ هي بعد ذلك لأنْ تُفرغ فيه جميعَ أمراضها النفسية !

ولذا ؛ فإنّ ولاّدة كانت " تعمدُ إلى أشدّ تلك النجوم لمعانا ، وأعظمها حرصاً على القرب منها ، فتبعده كي يزداد كلفاً بها ( 2 ) " ثم تُدنيه أخرى ثم تُبعده ثالثة : إلى أن يخرّ وقد فقد كرامته الإنسانية كاملةً مستوفاة عند قدميها ؛ فتشفى حينئذ نفسُها ، ويَروى غليلُها ، وتهدأ أعصابُها - بعد طِـباقٍ طويلٍ على أسنانها ، وحكحكةٍ شديدةٍ لهما  !!

ولهذا أسبابه النفسية لا شك ؛ وهو ما قد اتهُمت به من مرض السادية في الحب ، وهو التلذذ بعذاب المحب ، والتمتع برؤيةِ احتراقه !

بالإضافة إلى أنّها من الأصل تنقمُ على المجتمع وتنتقمُ منه ؛ لأنّه – أي المجتمع - قد زهد بأهلها ؛ وشتت شملهم ، وأطاح بسلطانهم !

ولعل هذا يتضح أكثر عند النظر في معاملتها القاسية لابن زيدون ؛ فمع كل ما امتلكه هذا الأديب من مواهب ، ومع ما قد سحّهُ من دموع سواكب ؛ إلاّ أنّها لم تنسَّ له أنّه كان من المجموعة التي أطاحت بعرش بني مروان ، أو لنقل كانت له يدٌ في ذلك !

هذه السادية التي تشرح لنا خلجاتها إحدى المريضات بها حينما اعترفت للعالم النفسي " اشتكل " قائلةً عن وصفها : " لذةٌ لا يحدها الوصف ولا تصورها الألفاظ ؛ فإنني أشعر بشخصي يسمو ويعلو ويملؤني الزهو والكبرياء والجلال ، وتبلغ بي النشوة أوجها كلما شعرتُ أنني بسطت سيطرتي على هؤلاء الرجال دونَ أن أُشبع لهم رغبة ، أو أُطفئ لهم شهوة ، فهم عبيدي يظلُّون يجرون خلفي طمعاً في أن يتذوقوا حلاوة وصالي ، بعد أن ذاقوا مرّة قسوتي وكبريائي ، فهم أتباع لي : يحدوهم الأمل في نعيمي ، فلا يدخلون إلاّ جحيمي " !! ( 3 ) انتهى  .

وإذا ما سلّمنا بهذا التقرير النفسي وإسقاطه على شخص ولاّدة ؛ فإنّ ابن زيدون قد أخطأ خطأً فادحاً في تذكيره لها بدنيا الهمس ، وحياة الأُنس ، وأيام الأمس ، إذْ لو أنّه قد فعل فأدار لها ظهره : فإنها كانت حتماً ستأتيه وهي مكسورة الأنف ، ذليلة المهجة ، مُشوهة الروح ... ولكنّه قد عالجها بما هي أصلاً تشْفَى منه !!

كذلك ؛ فإنّ مما يدل بأنّ ولاّدة لم تكن ترى بالدنيا من يليق لها ، ويصلحُ لأن يظفر بها : هو نرجسيتها وبقاؤها عزباء بكراً لم تتزوج : مع كثرة اللاهثين وراءها ، والمتمنين جوارها !

أخيراً ؛ فإنّي أعتقد شديداً ؛ بأنّ الإحباطَ التاريخي ، والقهرَ الاجتماعي ، والوراثةَ المختلَطة ، والتشوهَ الروحي ، والعبثَ النفسي : كله قد أدّى بولاّدة إلى أن تمرض بما سلفَ ذِكرُه !!

خريف العمر ومن ثم وفاتها :

تفسّحَ العُمرُ بالأميرةِ الغادة ولاّدة بنت المستكفي إلى أن أربت على الثمانين منه ؛ فكان أنِ اعتزلت دنيا الأدب ،  وصخَبَ الحياة ، والكثير من المحافل الاجتماعية ، وانطوت بعدئذٍ على نفسها : تلتحف الذكريات ، وتُمزِّقُ غالي الأمنيات ، وتترك لغيرها ما يُريد قوله من نمنمات .

ولذا ؛ فإنّهُ لا يُروى لها في هذا الوقت من سني حياتها إلا حضورٌ واحدٌ ومشاركةٌ اجتماعيةٌ يتيمة ، وقد كانت هذه الانتفاضة الاجتماعية قد صدرت من ولاّدة في خريف العمر وقبل موتها بسنيات قليلة  ؛ إذ يقول ابن بشكوال : " سمعتُ شَيخنا أبا عبدالله بن مكي – رحمه الله – يصف نباهتها وفصاحتها ، وحرارة بادرتها ، وجزالة منطقها ، وقال لي : لم يكن لها تصاون يطابق شرفها . وذكَرَ لي أنّها أتته معزِّيةً في أبيه ؛ إذْ توفي – رحمه الله سنة أربع وسبعين وأربعمائة  ... " اهـ .

ومما يؤسفُ له : بأنّ الحاجة قد مسّت ولاّدة في آخر عمرها ، وأنّ الوحشة والوحدة والانفراد كانت هي قدرها في خاتمته - كما قد كنَّ لها في أوله - إذْ أنّ ولاّدة قد عاشت حياتها عزباء لم تتزوج قط ، فلم تُرزق لأجل ذلك بأسرة تحمل كلّها وتملأ لها فراغها في شيخوختها - تماماً مثلما أنّها قد حُرمت هذا الشيء ( الأسرة والمال ) في ميعة صباها واشتداد عودها !

 وتجاه هذه الغربة وتلكمُ الوحشة وهذا الفقر فإنّ التاريخ يحفظ لابن عبدوسٍ : يداً من وفاء ، وكرماً من نفس، وسماحةً من خاطر ، تجاهَ عزيـزةِ قومٍ لم تنلْ من قومِها إلا الصيت وتبعة الاسم ومرارةَ مقارنةِ الحال .

وقصّة هذا الوفاء العبدوسي ، يُدونها ابن بسّام ويشكرها بما يلي : " وطالَ عُمرها وعُمر أبي عامر – يعني ابن عبدوس – حتى أربيا على الثمانين ، وهو لا يدعُ مواصلتها ، ولا يغفل مراسلتها ، وتحيّف هذا الدهر المستطيل حال ولاّدة : فكانَ يحملُ طلّها ، ويرفعُ ظلّها ، على جدبِ واديه ، وجمود روائحه وغواديه ، أثراً جميلاً أبقاه ، وطلقاً من الظَّرف جرى حتى استوفاه " اهـ

ويبدو من النصّ السابق أنّ طائر البين قد نعقَ بمجلس ولاّدة ؛ فلم يترك منتاداً لهذا المنتدى :  إلاّ وأرداه ؛ فأما ابن زيدون : فقد تقلّبت به الأمور ظهراً لبطن ، إلى أن مات غريباً في إشبيلية !

وكذلك فإنّ ابن عبدوس قد مسّه الضر ، وذهبت عنه رخياتُ الزمان ؛ ولكنه لم ينسّ الرحمة تجاه ولاّدة التي قد مزّقتها الخطوب ، وانصرفت عنها الخُصوب ، وأطبقت عليها الظلمات من جميع الجهات ؛ فكان ما ذكرناه عن فضله ، ودوام إلفه ؛ بالرغم من تشابه النحس ، وانكسار العين وتمدد البؤس !

وأخيراً ؛ فلليلتين قد خلتا من شهر صفر سنة 480 للهجرة وقيل 484 هـ : كانت يدُ المنون تجوس فوق قرطبة ؛ لموعدٍ لها محتوم مع نفْسٍ كانت فوّاحة ، وروحٍ كانت مِمْراحة ، تنتزعها وتجتذبها : من جسدٍ قد عبّ من التعب ، وأُرهِقَ من النصَب ، وقال : أهلاً بالموت !

يؤرخُ ابن بشكوال لهذا الحدث ؛ قائلاً عنه وعن صاحبته : " كانت أديبة شاعرة ، جزلة القول ، حسنة الشعر ، وكانت تناضل الشعراء ، وتُساجل الأدباء ، وتفوق البرعاء ، وعمّرت طويلاً ، ولم تتزوج قط ، وماتت لليلتين خلتا من صفر سنة ثمانين ، وقيل : أربع وثمانين وأربعمائة ، رحمها الله تعالى " ا.هـ

آيــدن .

المراجع :

1 – أدباء العرب في الأندلس  : لبطرس البستاني .

2 – البيئة الأندلسية وأثرها في الشعر : لسعد إسماعيل شلبي .

3 – ديوان ابن زيدون : لابن زيدون – تحقيق علي عبد العظيم .

آ
آيدن

مستقل جدًا في الفروع ، منحاز جدًا إلى الأصول ! صفحتي على الفيس : https://t.co/DqvtdACREM

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات