بدوتَ حزيناً لفترةٍ محدقاً بذالك الضوءِ الباهتِ على اطار بابِ ذلكَ المتجر،مما دفعني للإعتقاد ان شدته مقارنةً ببقيةِ المصابيحِ أزعجتكَ لتدميرها الصورة الزاهية للمكان، حتى انزلتَ نظرك دون تغييرِ زاويةِ رأسكَ لتحدقَ بسيدةِ المتجرِ هذهِ المرة. ولولا ما اشعر به من انزعاجٍ وملل كوني انتظرتُ خروجَ أمي من محل الاحذية المقابل لساعةٍ ونصف لما تطفلتُ عليكَ يا سيد، لكن خيالي واسع، ونظرتكَ هائمة.

مرت ربعُ ساعةٍ ونحنُ على هذا الحال، انتَ تحدقُ بهاً وأنا احدقُ بك، وهي تحدّقُ بأزهارها مُشَكِّلةً ترتيباً مبدعاً ذا معنى…او هذا ما اظن كونها تَسرحُ وتقِفُ دقائِقَ عندَ كلِّ زهرةٍ تختارها لتلكَ الباقة. حولتُ نظري اليكَ مرةً اخرى، وقد غيرتَ وضعيتَكَ مؤلِمَةَ الشكلِ الى واحدةٍ أكثرَ إيلاماً،مما جعلني أنا اغير جلستي لعدم راحتي بالنظر اليك…أمي ما زالت تجرب ذلك الكعب ذو الخمس سنتمرات،

"سنحتاجُ للتحديق لفترةٍ اطولَ قليلاً." همستُ للسيد الذي يجلس بعد اربعةِ كراسٍ منّي، وتابعتُ النظرَ لسيدةِ متجرِ الازهارِ تكوّن باقاتٍ بألوانٍ زاهية لا تناسب اجواء البرد والبؤس التي تحيط بي وبالسيد حاليا…لكنها بالتأكيد تناسب دفئ متجرها. ماذا حدث بينهما يا ترى؟ هذا ان حدثَ شيءٌ اصلاً.

مرتْ ربعُ ساعةٍ اخرى وخيّلَ لي انّي رأيتُكَ تُخرِجُ زهرةً شبه ذابلة من جيبِ معطفك حاملاً اياها بيدك ومخفياً اياها على جنبك وكأنكَ تحميها من الأعيُن، غيرَ أن لا احداً يراها او يراك يا سيد، بجانبي بالطبع.

خرجتْ أمي من المتجرِ فرحة، "انتهيتِ؟" قلت لها بشرود "يا ليتَكِ رأيتي ما لديهم عزيزتي" قهقهت بينما حملتُ حقيبتي وتمشيتُ معها لنعود…مرورا بكرسيكَ "عفواً" قاطع شرودي صوتك الاشبه بالهمس وبينما تقدمت امي تهاتف سائِقاً توقفتُ عندَك "هلّا اوصلتي هذه الزهرة اليها؟" مددت يدي محدقةً بعينيك للحظات "حسناً"

آملُ أن تَسعدَ بها…