من وحي الماجستير... حكاية هيثم
بقلم اسعد عبد الله عبد علي
كانت سنة 2012 صعبة جدا, حيث كنت طالب ماجستير, في قسم المحاسبة, في كلية الإدارة والاقتصاد, في حي الطالبية, حيث الصباحات هناك هي أجملها, أرجعتني إلى أيام كنت طالبا في عام 2004, سنة أخذت معها الجهد والمال والصحة, في سبيل تحقيق حلم كبير, لكن كانت الضغوطات كبيرة, فبلد يحكمه الظالمون, يجعل أيام حياتنا ما بين الهم والحزن والعسر, حاولت بكل الصور الممكنة تحقيق النجاح, فأجد نفسي محمل مسؤولية كبيرة, فالأمر لا يعنيني وحدي, بل الأمر يهم أبي, الشيخ المسن, الذي راوده حلم أن يكون ابنه بشهادة عالية, وكان دوما يصبرني ويشجعني, كي أصل للحلم.
جاءت نتائج الدور الأول بما لا يسر, حيث وقعنا جميعا في فخ الرسوب, شعرت لحظتها باني أمام أشهر مخيفة, ومستقبل مجهول.
حيث لم اجتز أربع من اخطر المواد, التكاليف و الحكومية والإدارية والمالية, أصبت بيأس كبير, وخوف شديد, جلست في مقعد يقع في حديقة الكلية, مطرق الرأس, أفكر بالمصيبة, جاء زميلي هيثم, ليواسني.
لا تهتم, فالمصيبة هي لنا جميعا, وعلينا أن نستعد.
أعطاني ورقة النتيجة الخاصة به, فكانت أربع مواد رسوب, نفس المواد, التي فشلت باجتيازها, قلت له:
هيثم, أن مادة الحكومية ستتعبني, أما المالية فتحتاج لجهد كبير.
أنا أيضا اشعر باني لن اعبر, لأني اعرف قدراتي , فهي الأضعف بينكم, أفكر بالانسحاب, لكن سأعمل ما اقدر عليه.
أتمنى لك التوفيق, وشكرا على مواساتك لي.
صديقي سننجح كلنا فلا تهتم, فقط اصبر وسنعبر جميعا.
مع قرب موعد الامتحانات, كنت اتصل بزملائي, نتبادل الأفكار والأخبار, فاتصلت بهيثم, لأعرف كيف هي معنوياته ليوم الامتحان خصوصا انه بات قريبا.
هيثم, كيف هي استعداداتك للتكاليف والحكومية والمالية والإدارية.
يا صديقي أنا رسبت في مادتين فقط, وهما التكاليف والحكومية فقط, هههههه, يبدون أن ذاكرتك تعبت من مراجعة المواد؟!
لكن, هيثم أتذكر جيدا, أننا بنفس المواد وقعنا معا!!!
ههههه كلا يا صديقي, فقط التكاليف والمالية.
نعم, يبدو أن ذاكرتي تعبت من مراجعة الدروس, أتمنى لك التوفيق صديقي.
في يوم امتحان الحكومية, تأخر هيثم عن الوصول, وتم توزيع دفاتر الامتحان, ولم يصل هيثم, عندها ذهبت لمسئول القاعة, لأخبره أن صديقي تأخر, فقال ننتظر نصف ساعة وبعدها نعتبره راسبا.
أكملت الإجابة وكانت الساعة 12 ظهرا, ولم يأتي هيثم, عند خروجي من القاعة كان أول عمل قمت به هو الاتصال بهيثم لأعرف ماذا جرى له,
هيثم, أين أنت, لقد قرر مشرف القاعة اعتبارك راسبا, لماذا لم تحضر؟!
يا صديقي, أنا ناجح في الحكومية, يبدو أن ذاكرتك تخونك دوما.
كلا , انك مرتشي, ويبدو أنهم استلموا منك مبالغ كبيرة, كي يتحول رسوبك إلى نجاح.
إلا تفرح لي, فانا من دون الرشاوى لم اعبر أبدا.
نعم لن افرح لأنك غشاش, الله ينتقم من كل من ساعدك.
أغلقت التلفون, فقد كرهت الكلية وكلابها التي تعشق مال الحرام, فهل أن أستاذ الحكومية والمالية مرتشين, كانوا طوال الكورس يتحدثون لنا عن القيم, لكن يبدو أن تاريخهم القذر ملتصق بهم.
بعد أيام ظهرت النتائج, هيثم نجح, وأنا رقن قيدي, أنها سنة الحياة في العراق, تعطي لكل فاسد وابن كلب, وتتمنع عن كل من طلب العدل.