صديقي , ريثما تقترب ساعة الانصراف اكتب اليك هذه الرسالة:

بالأمس القريب جدا, والقريب من قلبي. حيث وقفت على مدخله كلمة لطيفة، تنظر فيه دون أن تنطق. كنت جالسا على أريكتي الرثة اقرأ حينما لمحتها من زاوية اعتقد فيما تراه عيناي أنها لا تراني. إلا أنني لم أفهم تلك الكلمة! نظرت أتفحصها من أولها الى أخرها، مرة من اليمين، ومرة من الشِمال حتى أنني حاولت قراءتها بالعكس. وفي أثناء ذلك جذبتها كلمة اخرى من خلفها فأعطت ظهرها للمدخل, حاولت قراءتها من الخلف إلا انني لم أستطع فك معانيها.

أكتب إليك يا صديقي لأن الكلمة ذات حروف معروفة لدي ومعروفة جدا، حتى أنها ترتبط بشجرة عائلتي من حيث جدي الأول. لكنني ما إن رأيتها تجمدت لشدة إعجابي بها، بل دعني أخبرك بالحقيقة لقد فتنتني هذه الكلمة كما لم يفتني شيء قبلها.

أقبلت بعد ذهاب ذهولي فورا على مكتبتي أبحث في معجم الكلمات، أقلب صفحاته بحثا عن رسم يشبه رسمها، يشبه تفاصيل وجهها وابتسامتها وانثناءاتها وهي تقف في سطر مليء بالكلمات. مرة تتكأ بشكل ظريف على الكلمة التي تليها، ومرة تسابق الكلمات فتقف في أول السطر و تثنى رأسها تنظر إلى السطر الذي فوقها والذي تحتها وتحادث الكلمتين في بدايتهما وتسائلهما عن أخبارهما. تستخدم ارجوحة معلقة على السطر فوقها كلما أتت في نهاية سطر ما، تتأرجح عليها وهي تتأمل في المجرى وفي الضفة الأخرى من الكتاب. تلوح الى تلكم الكلمات التي تقبع في أوائل سطور تلك الصفحة وتبتسم لهن. وهذا يكون حالها ان أتت في الصفحة اليمني، أما حالها مع الصفحة اليسرى فلم أقف عليه لأنني لم انتقل الى الصفحة اليسرى حتى الان.

أما عن حالها مع شعرها; ففي كل موقف لها تسريحة شعر مختلفة، مرة تسدله يمينها، ومرة أخرى يسارها، ولقد وجدتها في وسط الكلام أحيانا تربط شعرها فوق رأسها حتى تسهل حركاتها. وفي كل حكاية تختلف قصة شعرها عن الأخرى، قرأت جزء من قصيدة حزينة فرأيتها بقصة قصيرة متأثرة بسبب ذلك الفراق الذي أصاب الشاعر.

 في الصباح التالي، جلست اعصر ذهني لصياغة رسالة لها يا صديقي، ولكن فكري ما استطاع أو أنه أبى. كيف لك أن تجد كلمة تكتبها لكلمة فاتنة؟! أن تصف كلمة بكلمة أخرى، ألن تحنق عليك ؟! وتتجاهلك ؟!

لذلك قررت أن أنظر اليها وابتسم علَها تفهم ذلك الحديث الذي لا تصغه الكلمات.