أخاف ان يساء فهمي ويظن بي انني أقسوا علي الصحف والصحافيين تلك المهنة الشريفة اللي كان بيقوم عليها زمان جيل من العمالقة لم يأخذ منهم احفادهم بتوع النهاردة ولو قدر قليل من حنكة أو ابداع أو أخلاق .
في اوائل ستينيات القرن الماضي وبالتحديد يوم جمعة وكالعادة علي الغداء كانت العائلة تلتف حول وجبة من محشي الكرنب ولم تنسي الحاجة الله يرحمها ان تضيف لها إيشي فلفل مع كوسه مع باذنجان بخلاف البط والفراخ البلدي وبعض من قطع اللحم المحمرة وفجأة الواد سماعين السواق من أمام باب الدار ينادي علي والدي رحمة الله عليه ( جريدة الاهرام ) يا عم الحاج فقفزت من علي الطبلية واخذت منه الجريدة وعدت لتناول الأكل بعد ان وضعتها بحجري وكلما تناولت صباع محشي قرأت معه بتلهف عنوان من العناوين .
ذكرت ذلك لأدلل بان حب الناس للصحف كان بيتساوي زمان مع حبهم للمحشي اي كان نوعه .. ودوام الحال من المحال .. مازال المحشي متربعا وله افضلية ع المائدة اي كان الطعام الموجود بجواره بنسبة تفوق الـ 70% عكس الصحف التي تراجع تناولها الي نسبة 7% والعهدة علي الاستقصاء الذي تم تحت أشراف الدكتور اسامة عبد العزيز عميد كلية الاعلام الاسبق وأستاذ مادة الاعلام السياسي بالجامعة.
وتأكيداّ لهذا الاستقصاء وبحكم انني من الناس اللي اعتادوا تناول الصحف كل صباح حدث لي منذ سنة تقريباّ استرخاء بالبيت لمدة ثلاثة ايام وبسبب أني كنت جالس وقتها بالشقة لوحدي فوجئت اثناء خروجي صباح اليوم الرابع بتراكم الجرائد التي يحضرها لي البواب يوميا علي عتبة الباب ولزهقي من ضحالتها ولاستعجالي جمعتها بيدي وألقيتها بصفيحة الزبالة وقررت من يومها التوقف عن شرائها وبالتأكيد هذا القرار له أسباب عديدة سأذكر لكم البعض منها علي سبيل المثال ولا داعي لتناول كل الاسباب منعا من الأحراج بحكم ان لي أصدقاء كثيرون يعملون في مجال الصحافة واخاف علي مشاعرهم :
لقد أجمع كل الناس نخبة وعوام أن السبب الرئيسي في ابتعاد الناس عن الصحافة يرجع الي ( التلفزيون ) الذي أصبح في كل بيت ونظرا لسرعة عرضه للأخبار والقضايا والموضوعات والحوارات ع مدار الساعة مجانا عوض الناس عن صحف اليوم التالي التي تباع بالفلوس ده بالنسبة للتوقيت اما بالنسبة للمحتوي فحدث ولا حرج الصفحات كافة اصبحت ركيكة كلها اخطاء لغوية ولا رابط لأي موضوع اي كان مقال او حوار او تحقيق بالعنوان ولما تسأل ليه التدني الفج ده بكل الصحف أؤكد لك بأن الابداع بتاع زمان قد مات بعد تولي خريجي كليات الاعلام مقادير الصحافة واللي ينكر انهم دخلوا الكلية بسبب المجموع وليس بسبب الرغبة والسليقة التي يجب ان يتحلى بها المبدع يبقي مكابر وعاوز يجادل ع الفاضي مع اسباب أخري كثيرة اعرف أنكم تعلمونها أكثر مني وصعب ان أكرر سردها كما ذكرت بأعلاه حيث قد ادت هذه الاسباب الي تدني واضح وملموس في نسبة تناول الصحف الي 7% مع الأخذ في الاعتبار أن كل مهنة بها الصالح والطالح ولكن في هذه المهنة الشريفة بالتحديد اليوم بها أناس كثر ليسوا أهل لها كما كانت زمان .