"أصل الإنسان" لقد اخترت هذا الموضوع المثير للجدل، لأنه يهمني كإنسان و يهم كذلك -على الأرجح- كل إنسان سيقرأ هذا المقال، حيث أن معرفة الأصل تحيل على فهم واقعنا من جهة و تعين على توقع مستقبلنا من أخرى..
من الواضح أيضا كما يوحي العنوان، أنني سأناقش الموضوع بناء على أسس علمية و دينية "إسلامية".
1 .العلم
1.1 الفيزياء
بادئ ذي بدئ، تعتبر الفيزياء الانفجار العظيم بداية الكون، في هذا الوقت ، كان كل شيء صغيرًا وكثيفًا بحيث يمكن للمرء أن يصفه بأنه كرة نارية بدئية، ولم تكن هناك سوى قوة واحدة في الطبيعة،إنها الجاذبية الفائقة "Supergravity".
مع الوقت، و في زمن بلانك بالتحديد "The Plank Time"، تم تشكيل صورة أخرى عن الكون، وهي أنه مبني على قوتين بدلاً من قوة واحدة، و هاتين القوتين هما الجاذبية و الكات "GUT".
و ما إن تم إنتاج البروتون والنيوترون بعدد وافر ، بدأ عصر الجسيمات الثقيلة خلال عصر الجسيمات الخفيفة ، فظهرت الإلكترونات والبوزيترونات في الطبيعة، أما الهيليوم، الكاربون، الأزوت و باقي الذرات، فكلها ظهرت في عصر التخليق النووي "NucleoSynthesis". الذي أعقب ذلك ..
كل ذلك حدث خلال عصر الانفصال"the decoupling era" .
العصر ما قبل عصرنا الحالي يعرف بعصر تكون المجرات" Galaxy Formation" ، التي ظهرت بعد 500 مليون سنة حيث كانت درجة الحرارة في ذلك الوقت تقدر بـ 10 كلفن و هي أقل درجة حرارة وصل إليها الكون من أي وقت مضى.
و في هذه المرحلة، ننتهي من شرح الفيزياء لتاريخ البشرية، ما سيأتي بعد ذلك هو تاريخ البشرية من وجهة نظر علم الأحياء..
2.1 علم الأحياء
يرى علماء الأحياء أن تاريخ البشرية يمكن تشبيهه بشجرة تطورية للبشر من الخلايا المفردة "Single cell" إلى الإنسان العاقل Homo Sapiens""، أريدك أن تركز معي عزيزي القارئ هنا، على الرغم من أن هذه الشجرة -التي سنصفها لاحقا- تتبنى تقدمًا خطيًا "linear progression"، فإن التطور في الواقع أكثر تعقيدًا من ذلك ..
نبدأ بأعلى الشجرة حيث نجد المرحلة القبل خلوية المنبنية على أساس الحمض النووي الريبوزي، في هذه المرحلة ظهرت الفيروسات، حيث بدأت الحياة الأصلية التي عرفت تكون خلايا مفردة، و التي حدثت قبل 3.5 مليار سنة من الأن، خلال هذا العصر لم تكن هناك حياة خارج البحر. امتد هذا ليشمل مخلوقات البحر الأخرى مثل الأسماك بكل أنواعها، و سمي هذا العصر بعصر السمك.
المخلوقات التي جاءت بعد ذلك هي الزواحف، في نفس العمر ، كان هناك الديناصورات التي انقرضت قبل 65 مليون سنة من الأن بسبب ارتطام كويكب صغير بالكرة الأرضية.
العصر الأخير هو عصر الثدييات، حيث ظهرت حيوانات مثل القرود عبر طفرات ميكروبيولوجية و ماكروبيولوجية لتأخذ شكلا أقرب للبشر و الذي سمي بعدها بالأسترالوبثيكوس "australopethicus" المعروف باسم لوسي، ثم جاء الإنسان الماهر "Homo Habilis" و انتهى بنا المطاف بالإنسان العاقل "Homo Sapiens".
2.الإسلام
يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه الكريم -سورة الأعراف، الأية 54-: "إن ربكم الله الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش" و في سورة ق، الأية 38 يقول سبحانه و تعالى: "و لقد خلقنا السماوات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام و ما مسنا من لغوب".
و يقول أيضا سبحانه و تعالى في سورة المؤمنون: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ (15)".
كل هاته الأيات و أيات أخرى توحي إلى أن أصل الإنسان هو أدم و أدم من تراب و بعده أتى باقي البشر، أما فيما يخص خلق الحيوانات، فظاهر السنة النبوية، يفيد بأن الله تعالى خلق الحيوانات قبل الإنسان، كما ثبت في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أنه قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ: خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ.
نعلم أننا قد غطينا أو بالأحرى حاولنا تغطية موضوع "أصل الإنسان" من وجهة نظر علمية و إسلامية على حدٍ سواء، لكن لا يزال السؤال مطروحا: هل هناك أي علاقة بين ادعاءات العلم وحجة الإسلام! هل يمكن إيجاد أرضية مشتركة توحد الإسلام و العلم! هذا ما سنجيب عليه -على الأرجح- مستقبلا.