إعادة الدستورية الشرعية في دولة الربيع العربي

يعيش المجتمع الليبي منذ عقود انقلابات وصراعات داخلية بين صدى المستقبل وانعكاس مستقبل ليبيا على الماضي في الشرعية الدستورية الليبية، إلا آن ليبيا بعد ثورة التحرير، ثورة فبراير لعام 2011 لم تضع أركان دولة الربيع العربي في الدستور الشرعي للبلاد و لم تكن واضحا في القيم التي أسسها الإباء والأجداد الأولون التي تمنح ليبيا الأمن والاستقرار والسلام المجتمعي الشامل والكامل.

ويمكننا رصد التقلبات في البلد من خلال حزمة من المظاهر المتناقضة والتي يمكن إجمالها في عدة نقاط أساسية تعمل على إخراج ليبيا من معضلة الفساد السياسي الذي يدور حول الشرعية الدستورية الليبية، والتي طالما تمنا الشعب الليبي أن يرى ليبيا دولة الربيع العربي في مكانتها من الاحترام والتقدير ومرفوعة في السلم الاجتماعي في دولة القانون والعادلة الاجتماعية.

والأسس التي قامة عليها دولة الربيع العربي في ليبيا كانت في التعميم لإيجاد حلول سلمية بين أطراف النزاع، عند مفاهيم السلطة والثورة والسلاح، عوامل كانت بالفعل أساسية من استقرا ليبيا، فلم يعمل النظام السابق من بلورتها في نطاق الدستور الشرعي للبلد ولم يعطي لها الأهمية القصوى في استقرار ليبيا في برنامج ما سمي في ذلك الوقت "برنامج ليبيا الغد" الذي يجسد تطلعات الشعب الليبي في الشرعية الدستورية.

اليوم ليبيا تدور حول تلك الشرعية الدستورية وهو مطلب أساسي من عموم الشعب الليبي في الرجوع بليبيا الى دولة القانون والعدالة الاجتماعية ومنها الى الإصلاحات الاقتصادية الشاملة لإعادة توزيع الثروة الليبية بين الأقاليم الليبية الثلاثة برقة وطرابلس وفزان.

لم يعد يخفي على الشعب الليبي تشبثه بالفساد وتمجيد للمفسدين في الوطن، والرجوع بليبيا الى الدكتاتورية العسكرية بغضة للإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والحرب على الإرهاب، فالمفسد ينظر الى ليبيا ككعكة قابلة لرجوع الى ما كانت عليها ليبيا في الماضي، نظام الجماهيرية الليبية وتمجيد من هو في السلطة السياسية، وليس الوجه عند المجتمع الليبي، فمن هو المحافظ الذي يجسد على ما أتيح له من قوى عسكرية أن ينقلب على الدستورية الشرعية في ليبيا ؟، بل الوجه الحقيقية هو المحافظ الذي يجسد سلطة القانون الدستوري والشرعية الدستورية مرة أخرى في البلد.

إن المجتمع الليبي مجتمع محب للسلام والأمان، ولا شك في ذلك حتى لما أطاح انقلاب القذافي على نظام المملكة الليبية في عام 1969 ميلادي، نظام سياسي ملكي دستوري أنشاء على الدستورية الشرعية وليس على انقلاب عسكري دكتاتوري، نازع من ليبيا في ذلك الوقت ليس النظام الملكي الليبي فقط ، بل أيضا مفهوم و قيم الدستورية الشرعية، فحصرت الدولة الليبية في نفق مظلم حتى يومنا هذا بعد ثورة الربيع العربي.  

 ولذا فليس من الغريب أن نجد أنفسنا اليوم في تصارع سياسي داخلي وخارجي على مقدرات المجمع الليبي وثروات البلد المنهارة هنا وهنالك، فلا تفت على المفسدين من إطالة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية لليبيا داخل المجتمع الواحد.

اللص السياسي كارثة على المجتمع الليبي وهو لص المال والثروة والسلاح ولا يتوقف عن الكذب والخداع والتزوير، ولا يريد من ينازعه عن الأشياء التي اختلسها من المجتمع الليبي وحولها لنفسه و الى أولاده وعومته والدائرة التي تحيط به من المفسدين.

أما الدستورية الشرعية هي السبيل الوحيد للرجوع الى السلام والأمن المجتمعي الليبي التي تنصفنا لدي المجتمعات الأخرى على أنها صفة من صفات التقدم الحضاري والإنساني والتقدم الديمقراطي والمشاركة الشعبية في الانتخابات القادمة عند إرساء القواعد الدستورية السليمة وفتح أبواب الأحزاب السياسية الليبية على السلطة الشعبية.

قد تكون ليبيا مرة أخرى دولة القانون والدستور هذا إلا بعد رجوعها الى الدستورية الشرعية – ورغم كل مظاهر تديننا عن الرجوع الى الدستورية الشرعية بسبب خلط الأمور بين ما هي أنظمة ملكية دستورية أو أنظمة جمهورية دستورية.

 إلا أن الدستورية الليبية هي ليس تناقص بين الأنظمة السياسية التي كانت عليها ليبيا في الماضي والحالي، بل هي الشرعية الدستورية التي تحدد لنا وجهة ليبيا السياسية التي تجمع بين الماضي والحاضر التي تستشرف بليبيا المستقبل، رافضة ذلك النظام العسكري الديكتاتوري البغيض، فلا نستطيع أن نكون شهود زور على المملكة الليبية المتحدة التي وحدة ليبيا في أقاليمها الثلاثة، برقة وطرابلس وفزان... "الولايات الليبية الثلاث المتحدة". 

بقلم / رمزي حليم مفراكس

رجل أعمال ليبي مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية