منذُ بداية غرس بذرة الاحتلال الصهيوني واستيطانه في فلسطين وهو يُسّلط المدفع على عين الحقيقة ولِسان الحق، فيغتال الصحفيين الفلسطينيين مُبرراً ذلك بمُبررات لا يستوعبها العقل، فيقُول تارةً أنَّها رصاصة طائشة، وتارةً أنَّه كان تبادل لإطلاق النار، وتتعدّد الأسباب الباطلة. 

وقد اغتال الاحتلال أخيراً الصحفيّة شيرين أبو عاقلة، ومَنْ لا يعرفُ شيرين وهي التي جاهدتْ بالحق ونقلتهُ عسى من سامع، هي التي حفظتْ كل بُقعة من فلسطين، وثقّتْ بصوتها جرائم جلادها، رُغم ارتدائها لزي الصحافة إلا أنَّها لم تسْلم من بطش قوات الاحتلال كما لم يسْلم غيرها من الصحفيين. طالبت المؤسسات الصحفيّة الفلسطينيّة والمؤسسات الدوليّة والحقوقيّة يوم الأربعاء ١١ مايو بمُحاسبة الاحتلال الصهيوني على جرائمه بحق الصحفيين عامةً. 

بعد اغتيال الصحفيّة شيرين أبو عاقلة يرتفع عدد الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال منذُ ٢٢ عاماً إلى ٤٧ صحفي، أبرزهم: 

  • الصحفي عزيز يوسف التنح وهو مُدير مكتب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أُصيب في مدينة رام الله بالضفّة الغربيّة أثناء تغطيته أحداث الانتفاضة الفلسطينية عام ٢٠٠٠ وعلى إثرها استشهد. 
  •  الصحفي محمد البيشاوي، كان مُصور لصحفية "الحياة الجديدة" ومُراسل شبكة "إسلام أون لاين" استشهد عندما قصف الاحتلال الصهيوني عام ٢٠٠١ مقر المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام في مدينة نابلس بالضفّة الغربيّة. 
  • الصحفي جميل نواورة الذي قُتل أثناء تغطيته العدوان الإسرائيلي عام ٢٠٠٢ على مُحافظتي رام الله والبيرة، واستشهد في نفس اليوم الصحفي أحمد نعمان مُدير تلفزيون بيت لحم أثناء العدوان الصهيوني على بيت لحم. 
  • الصحفي فضل شناعة وهو مُصور وكالة "رويترز" للأنباء، حيثُ استشهد في عام ٢٠٠٨ نتيجة اصابته بقصف مدفعي إسرائيلي استهدفه في قرية جُحر الديك في قطاع غزة أثناع عمله وتصويره مجزر الاحتلال هناك، وأدانتْ عدّة مؤسسات وصُحف محليّة ودوليّة مقتل شناعة وقالتْ "رويترز" أنّ شناعة خرج من سيارته مُرتدياً مُلصق التلفزيون ليُصور دبّابة تبعُد عنه مئات الكيلو مترات التي كانت تُشارك في عمليات جيش الاحتلال ضد قطاع غزة. عبّر الجيش الإسرائيلي عن أسفه لقتله لكنها قالت لـ "رويترز" أن القوات تواجه قتال عنيف ومستمر ضد منظمة إرهابية مسلحة ومتطرفة في المنطقة -ويقصدون بقولهم حماس- لكن بعد ٤ أشهر برّأ الجيش جنوده بأنّهم كانوا غير قادرين على تحديد طبيعة الجسم المُركب على الحامل ثلاثي القوائم -كاميرا شناعة- وتحديده بشكل دقيق على أنَّه صاروخ مُضاد للدبابات أو قذيفة هاون أو كاميرا تلفزيونيّة. 
  •  استشهاد المُصور الصحفي ياسر مُرتجى برصاص الاحتلال أثناء تغطيته لمسيرات العودة شرق خان يونس جنوب قطاع غزة عام ٢٠١٨، وزعم الجيش الإسرائيلي أنَّه لم يستهدف الصحفيين وأنَّ مرتجى كان عُضواً في الجناح العسكري لحركة حماس ونفى زملاؤه ذلك، وفي نفس الشهر استشهد الصحفي أحمد أبو حسين مُتأثراً بجراحه التي أصيب بها نتيجة رصاصة حيّة استقرت في بطنه من جهة اليسار أثناء تغطيته مسيرات العودة شرق قطاع غزة. 
  •  واستشهد الصحفي يوسف أبو حسين الذي يعمل في إذاعة الأقصى جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنزله الكائن في حي الشيخ رضوان في مدينة قطاع غزة.

 لم تقتصر جرائم الاحتلال على الصحفيين الفلسطينيين فقط بل وطال بطشه بعض الصحفيين الأجانب الذين أتوا إلى فلسطين وقطاع غزة لتأدية واجبهم اتجاه عملهم ونقل الحقيقة ومنهم: 

  • سيمون كامللي، مُصور ايطالي لوكالة الأسوشيتدبرس حيثُ تم قتله عام ٢٠١٤ في بيت لاهيا بانفجار صاروخ من مخلفات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. 
  •  جيمس ميلر، وهو صحفي بريطاني مُستقل فُتل بالرصاص أثناء تصويره لفيلم وثائقي في غزة عام ٢٠٠٣، وزعم الجيش الإسرائيلي أنَّه قُتل برصاصة فلسطينيّة في تبادل لإطلاق النار -مثلما زعم في مقتل شيرين أبو عاقلة-. 
  •  المُراسل فيكتور آرغوني، وهو مراسل صحفي لجريدة ايلمانيفستو الايطالية وأحد أعضاء حركة التضامن العالمية، قُتل عام ٢٠١١ غي غزة حيثُ تم خطفه وقتله من قبل جماعات صهيونية متطرفة. 
  •  المُحرر التركي للموقع الإلكتروني لمؤسسة الإغاثة الإنسانية الخيرية جودت كيليجلار، قُتل في غزة عام ٢٠١٠ إثر إصابته بعيار ناري في الرأس أثناء تغطيته رحلة سفن أسطول الحرية التي كانت مُتوجهة إلى قطاع غزة. 
  • المُصور الصحفي الايطالي رفايلي تشرييلو، قُتل عام ٢٠٠٢ جراء اصابته برصاص جنود الاحتلال وسط مدينة رام الله. 

وكما قال تميم البرغوثي فإنَّ الاحتلال لا يقتُل خوفاً من فضح جرائمه بل ليُداري فشله وهزيمته. نحن نتعامل مع عدو جبان، يخاف الكلمات والرسمات أكثر من الرصاص. لا تنتهي القائمة ولن تنتهي، فوظيفة الاحتلال هو إخفاء الحقيقة التي تتدارى وراء صورته التي يُمثلها أمام العالم، إذا فقعوا عين الحق سنصرخ به، وإذا قطعوا إلسنتنا الناطقة به سنكتبه، وإذا بتروا أيادينا سنحارب وإنْ رمينا أجسادنا بالنار فداءً لفلسطين، إلى آخر نفس، إلى آخر روح.