قَبل فترة ليست بالطويلة ولا القصيرة طَرحَ أحد الدكاترة في إحدى المُحاضرات سُؤالاً وكان "ماذا لو كانُوا أعضاء الكنيست مُسلمين؟ ماذا سيحدُث؟" ليُجيب أحد الحُضُور "قضيتنا ليست دينية أصلاً."
هل القضية الفلسطينية ليست قضية دِينية فعلاً؟ وإنْ لم تكُن دينية فماذا ستكُون؟
 إذا أردْنَا إظهَار أهمية شيءٍ/قضيةٍ ما نربُطها بشيءٍ آخر يُؤمن بِه الشخص المُراد تنبيهُه لهذهِ الأهمية، وأكبر مثال هُو فلسطين، فمُنذُ الصِغَر نتعلم إجابة هذا السُؤال. نقُول للأطفال ونُوعِيهم لِحُّب فِلَسطِين الذي وُلد معهُم، نقولُ لهُم :"فلسطين أرضُ الدِيانَات السماويّة، فلسطين مسْرى الرسول صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، فلسطين أرضُ المحشر والمنشر، فلسطين وُلد فِيها العدِيد من الأنبياء..إلخ." وإذا رجعنَا لمَصدرِ هذهِ المعلُومات نجد أنَّ القُرآن بنفسِه تكلّم عنْها. مثال آخر، بنُو إسرائيل عندما أتُوا لِفلسطين مُبررِين أحقيّة ملكيتهُم لها أتُوا بالتوراةِ كَدلِيل، فبِالمُقابِل سَنأتي نحن بالقرآن لِنَكسر هذا الدليل "المُحرّف" وعندما نقُول أنَّها قضيّة دينية فنحن هكذا لا نخُّص الإسلام فقط، فالدين يشمل المسيحيّة واليهوديّة والإسلام، وعلى هذا فإنَّ فلسطين ستشمل الديانات السماويّة الثلاث، ولكن إذا أقْررنا بذلك فهكذا سننفِي فئة مُعينة لا تتبع دين سماوي، فهُناك فوق المليار مُلحد و٢٫٥ مليون مجُوسِي ونسبة تُقدر ب ١٥٪؜ من الهِندُوس و٦٪؜ من البُوذيين، بالتالي لن يكون هناك دافع يحركهم للدفاع عن فلسطين.
بعد ما أصدَرتْ اليُونِسكو عام ٢٠١٦م قرار ينفي وجود ارتباط ديني لليهود بالمسجدِ الأقصى وحائطِ البُراق واعتبرهُما إرثاً إسلاميّاً، ظهرتْ تساؤلات ما إنْ كانَ الصراع دينياً أم لا، ولا يجُوز أنْ نقول بأنَّهُ ديني بحتْ، فإذا واجهنا الاحتلال مِنْ هذهِ الناحية -الناحية الدينيّة- فهو سيستغل هذا ويَظهر للعالم بصُورةِ الطفلِ المظلُوم وسيُبروِز ذلك بحجة وإطار الإرهاب، وسيشحد معهُ كل يهود العالم والمسيحيين والغرب عموماً وسيُظهر نفسه كدولةٍ يهوديةٍ صغيرة تُحيطُها دولة إسلاميّة وآلاف الجماعات والمُنظمات الإسلاميّة التي تُهددها بالزوال، ونحنُ جميعُنا نعلم بأنَّ الغرب ينتظر أي خطأ للمسلمين حتى يُرشق عليهم بوابِل من التُهم الإرهابيّة. وإذا كانت قضية دينيّة، أولاً، هذا يعني بأنّنا سنُعادي الديانة اليهوديّة والتي هي أقرب للإسلام، وبالتالي سنُعادي الديانة المسيحيّة، فلا نُحارب الاحتلال فقط بل نُحارب الذين بيننا من مسيحيين ويهود عرب. ثانياً، لو أمعنّا النظر للحُكام المسلمين سنرى أنَّ أغلبهُم مُطبعين مع الاحتلال. وبعدَ أحداث ١١ سبتمبر لعام ٢٠٠١م انتشرت قناعة في دولةِ الاحتلال أنَّها أصبحتْ خط تماس دائم بين الغرب والشرق، وبين الحضارة اليهوديّة المسيحيّة، واعتبرتْ التيارات المسيحيّة الصهيونيّة أنَّ الاحتلال هو موقِع وواجهة للعالم الحُر، وأنَّ الاحتلال اكتسبَ هذهِ المكانة عند الغرب لأنَّه يُعتبر إرادة إلهيّة. 
منذُّ بداية وظهُور القضيّة الفلسطينيّة ظهر تياران؛ الأول، تيار عربي ينسبُ القضيّة للعرب، والثاني، تيار جهادي يرى القضيّة على أنَّها إسلاميّة للمسلمين كافّة. كونُها سياسيّة يعني أنَّهُ سيتم تدويل القضيّة مما يضُر بها أكثر ما ينفع؛ والسبب هوَ مصالح الدول، فمهما تعسّر حال الدولة بالدين الإسلامي أو بالقوميّة العربيّة لن يُقدموا مصلحة القضيّة الفلسطينيّة على مصالحهُم الخاصّة، فتُصبح القضيّة أكثر قضيّة تم الاتجَار بها من قِبَل الأنظمة العربيّة الفاسِدة والأحزاب الإسلاميّة. لو قُلنا أنَّها قوميّة، فنعني بهذا أنَّها تخُص العرب فقط وليس هُناك حق لأي مُواطِن غربي أو غير عربي شريف الدفاع عنها، وإنْ كانَ الصراع قومي فلنْ ينجح نظراً لتاريخ الدُّول العربيّة والإسلاميّة الملِيء بالدمار والخراب نتيجة هذا الصراع، إلا أنّ هناك بعض الحكومات في فلسطين لا زالتْ مُصرّة على تكرار ما حدث في العالم العربي والإسلامي من وجود مشرُوع وطني ومشرُوع إسلامي، وقوى وطنيّة وقوى إسلاميّة. تم تقسِيم الشعب الفلسطيني إلى حزبَيْن؛ حزب ينتمي إلى قوى وطنيّة وآخر ينتمي إلى قوى إسلاميّة، وهذا أدّى إلى إضعاف الجبهة الداخليّة وظهور حرب أهليّة وانقسام بين الشعب نفسه، وهذا ما رغبه الاحتلال وما يسعى إليه، مما يعني أنَّ الشعب الفلسطيني لا يحتاج إلى مشروع إسلامي أو قومي، ولا ننسى وجود يهود ومسيحيين عرب فلسطينيين أيضاً، فإذا وُجد مشروع إسلامي يجمع فلسطين أكملها سيتم نفي أحقيّة غير المسلمين بفلسطين. 
وهناك فئة مُعينة تعتبر القضيّة إنسانيّة، ولكنْ إذا نظرنا إلى المبدأ الذي تُنادي به الإنسانيّة نجد أنَّ مبدأها هو مساندة المدنيين المتضررين بغض النظر إلى أي طرف ينتَمون، بالتالي سيدعمون المتضررين من كلا الطرفين؛ الفلسطيني والصهيوني. مهما طال الجِدال ومهما كَثُر عدد مَنْ يرى أنَّها قضيّة إنسانيّة وداعمين للطرف الفلسطيني أو من يرى أنَّها قضيّة إنسانيّة وداعمين للطرف الصهيوني، إلا أنَّ في النهاية سيجتمع الطرفان على حلٍ  واحد وهوَ السّلام، وبئس الحل هذا الذي يُساوي بين الظالم والمظلوم. 
قضية فلسطين لا تُجزّأ، فهي ليست دينيّة، ولا وطنيّة، ولا قوميّة، ولا سياسيّة، ولا غيرها، بل هي جميعُهم. القضية مبنيّة على أركان عدّة وهم كما ذكرتُ سابقاً، إذا سقط رُكن سقطتْ القضيّة بأكملها، فأنْ تكُون مسلم أو عربي أو كلاهما لا يكفي لتُحب فلسطين، يجب أنْ تكُون صاحِب مبادِئ لا تُجزّأ، أنْ تكُون إنسان يُفرِق بين الحّق والباطِل كمَنْ يُفرِق بين النُور والظلام.  بالنهاية، تحرير فلسطين لا يكمُن في الانقسام وإنشاء حكومات مبنية على مبادئ دينيّة أو قوميّة، بل بالوحدة والتجميع والتساوي بين تلك الأركان. 
أما عن إجابة السُؤال المطرُوح بدايةً "ماذا لو كان أعضاء الكنيست مُسلمين، ماذا سيحدُث؟" أول جواب خطر ببالي هو أنَّهم سيُؤمنون بعُروبية فلسطين، فهُم سيُصبحون مُسلمين يقرأون القُرآن ويؤمنون به وسيجدون الدليل أنّ فلسطين هي أرضُ الديانات الثلاث وأنَّها عربيّة بحتَة، لكنْ بعدما تعمّقتُ بالتفكير أكثر ومثلما شرحتُ مسبقاً قلتُ لا، هذا يعتمد عليهم أنفُسهم، فكمْ مِنْ حاكم عربي مُسلم يُؤمن بالقوميّة العربيّة ويُؤمن بما يقول الله ورسوله وأنبياءه باع فلسطين على طبقٍ من ذهب، وما الحُكّام إلا مِرآةً لأنفُسهم لا لِشعوبِهم.