هذه الرسالة لأبي الذي لم يكن سبب وجودي...
لم أكن أظن أني في يوم من الأيام سأكتب عن شخصية معينة إما بمدح أو بذم ، تكريم أو نقد ، لم يكن هذا توجهي لم يكن هذا هدفي ، لم أكن أبتغي من الكتابة إلا إشباع الغريزة التي بداخلي ، ولكن الأيام تأتي بظروفها ، للكتابة عن شخص نحبه أو لا نحبه .
رسالة إلى أبي (الثاني) الذي
-لونه يختلف عن لوني
-نسبه يختلف عن نسبي
-أصله يختلف عن أصلي
ولكنه أبي ، نعم أعتبره أبا لا معلما كما هو مكتوب في الأوراق الرسمية أو الشهادات العلمية ، لدي أوراقي الخاصة التي تثبت أنني عاملته كأب لي ،
أوراق أصرح بها الآن ، أضعها أمامك يا سادة وأجلس على كرسي الاعتراف ، أظهرها لكم وأمام الناس ، أخرجها من ملفي الذي لم يفتح إلا لزيادة الأوراق تلو الأوراق لأنه كل يوم أكتب عنه تقريرا جديدا ، ولكني اليوم أخرج لكم الأوراق كلها لتشاهدوها بأم أعينكم
الأوراق سأسردها عليكم من خلال رسالة أوجهها له .
- أبي
كنت تعاملني كإبن وأنا بادرتك نفس الشعور كأب
في رحلتي العلمية التي لم ولن تنتهي ؟! كنت أنت الوحيد الذي يسأل عني بصدق عن أحوالي مشكلاتي ما مر من عقبات وما سيأتي من هجمات كنت أنت الوحيد الذي يسأل من بين عشرات المدرسين الأفاضل .
كنت تفرح عندما تلقاني تبتسم ابتسامة صدق لم تكن ابتسامة عارية أبداً
كلما رأيتني أشعلت حماسي وقويت شوكتي وجمدت قلبي بما تعده لي أيامي
كنت حملا ثقيلا عليك في بعض الأمور ولكنك كنت تبادرني بالإيجابية والسرور
صحيح أنك لم تكن سبب وجودي ولا أنت تطعمني ولا تسكنني بما يتعارف به بين عامة البشر
ولكن ...
كنت تكسوني بحكمتك وتطعمني بدررك وتسقيني من فكرك وفلسفتك
فتحت لي أبواب العلم والعلوم وكنت سبب إخراجي من غرفة الجهل المظلمة التي تبقى كما هي لا تتسع ولا تضيء
كثير من الناس أسمعني الكلام المعسول ولكنه كان يدخل إلي بملعقة فارغة ، ولكنكم أنتم نقيض ذلك : كلام معسول لا تكثرون من المديح حتى لا يصيبني العجب ولا توجهون الانتقاد اللاذع فيصيبني الإحباط
أريد أن أقول لكل من يقرأ هذه السطور التي كتبت بذرف الدموع ، أن أول مقال كتبته في حياتي كان أول من قرأه أبي م.أ.ع كان المقال سيئا لدرجة لا ترتقي إلى الكتابة الإبداعية ولكن عندما سألته عن رأيه قال : جيد أو ممتاز يحتاج بعض التعديلات ونعرف أن لديك أفضل من ذلك يا حسام
فكتبت المقال والمقالين الخاطرة والخاطرتين واجتهدت حتى وصلت لهذه المرحلة التي تعتبر بالنسبة لسني جيده..
لا أدري كيف أرد الجميل لوكنت أملك الدنيا لأعطيته إياها ، لا لا الدنيا لا تساوي شيئا مما أعطاني إياه
لا أستطيع إلا أن أقول
بأصدق المشاعر ، وبأشد الكلمات الطيبة النابعة من قلبي الوفي ، من عبر نفحات النسيم ، وأريج الأزاهير ، وخيوط الأصيل أرسل لكم شكري وامتناني
ذقتم ألون التعب والشقاء من أجل نشأتي الأدبية العلمية كنتم سبب لأن أكون قارئ ومقدم وخطيب أمام الجميع ، زرعتم البذور ولعلكم الآن تحصدون
كنتم كسحابة معطاه سقت أرض جهلي فأنبتت مما يطيب ومن كل زوج علم بهيج
لن أنسى لك ما حييت ما فعلته من أجلي طوال هذه السنين ، فجزيل الشكر نهديك ورب العرش يحميك