استكمالاً للروافد التاريخية والجوانب الرومانسية التي اعتمد عليها جرجي زيدان في كتابة هذه الرواية:
7 – من الجوانب الرومانسية في الرواية مشهد اضطراب مشاعر عماد الدين عندما ذُكِرَ أمامه أن صلاح الدين قد أرسل ليطلب يد سيدة الحسن للزواج من يد أخيها العاضد ثم تردده عندما وصلت إليه رسالة سيدة الملك التي تطلب منه فيها أن يحضر مسرعاً وقالت له أغثني.
وذلك أن عماد الدين قد تسلل لقلبه شيئ من الحب أو الإعجاب بسيدة الملك عندما أنقذها وأعجب بجمالها وحسنها وتنامت هذه المشاعر بداخلها في كل لقاء رسمي بين العاضد وصلاح الدين يرى فيه عماد الدين سيدة الحسن من طرفٍ خفي.
وما اضطراب مشاعره عند معرفة طلب صلاح الدين ليدها إلا اضطراب مشاعر المحبين عند الشعور بالحرمان ممن يحبون إلا أن حبه لصلاح الدين متين فوقع بين نارين نار من يحبها عشقاً ونار من يحبه طاعةً وولاءاً ولذلك تردد في الاستجابة لطلب لقاء سيدة الحسن.
8 – من الجوانب الرومانسية كذلك ذلك اللقاء بين سيدة الحسن وعماد الدين عندما لبى دعوتها وذهب إليها عن طريق سردابٍ تحت قصر العاضد ثم ما كان بينهما من اضطراب في المشاعر وملامح الوجه أثناء المحادثة ثم اعتراف سيدة الملك بحبها لعماد الدين.
وذلك أن عماد الدين رجل عفيف تغلب عليه أخلاق وشمائل الفرسان من إخلاصٍ وتعفف عن كل ما يشين فكان ينظر لمن يحبها تارة ويغلبه حياؤه تارةً أخرى وكان هي الأخرى تنظر تارةً ويغلبها حياء الأنثى تارةً أخرى.
حتى تملكت شجاعتها واعترفت له بحقيقة مشاعرها نحوه فكان ما كان من سعادة عماد الدين بحقيقة مشاعرها وخوفه من ضياعها وإخلاصه لسيده صلاح الدين وكل هذه المشاعر والنظرات الحيية بينهما هي من علامات العشاق والمحبين.
9 – من الروافد التاريخية ذلك المشهد الذي يصور زوال حكم الفاطميين وموت العاضد وتملك صلاح الدين ناصية الحكم في مصر واستيلائه على قصر العاضد وأمواله ثم توزيعها على الفقراء والمساكين ووزراءه وقادة الجند والجيش ولم يأخذ منها شيئاً لنفسه.
وذلك أن خلافة العاضد كانت بمثابة احتضار للدولة الفاطمية في مصر فلم يكن للعاضد أي حكمٍ أو سلطة على وزراءه وكان الوزراء يتنافسون على النفوذ فيما بينهم ويستعينون بالأجانب من الصليبيين مما أطمعم في السيطرة على البلاد.
وظل الوضع هكذا حتى تولى الوزارة عم صلاح الدين أسد الدين شيركوه ثم صلاح الدين من بعده فأصلح أحوال البلاد سياسياً وعسكرياً وألغى مظاهر التشيع وأبطل الدعاء للعاضد في المساجد وأمر بالدعاء للخليفة العباسي المستضيئ بالله حتى مات العاضد في ظروف غامضة.
10 - من الجوانب الرومانسية في الرواية حينما أحست سيدة الملك وهي تتحدث مع صلاح الدين بشأن أبي الحسن وقرأ عليها الرسالة وعلمت أن مرسلها هو عماد الدين صرخت باسمه مذعورة ثم أغمي عليها وهذا قلق واضطراب المحبين على أحبابهم ثم ما كان منها حينما اطمأنت بعدما أخبرها صلاح الدين أنه علم بحقيقة مشاعره وحبها لعماد الدين وأنه سيسعى في إتمام هذه العلاقة وتزويجها له فشكرته ممتنة لأصالته وشهامته.
وذلك أن سيدة الحسن قد تم إنقاذها من محاولات الاعتداءات بعد وفاة العاضد من قبل رجال صلاح الدين وقام هو بنفسه بتولي رعايتها والقيام على حاجتها وكان يريد أن يعرف منها أي معلومات عن أبي الحسن ذلك الخائن المخادع ثم عرفت منه أن عماد الدين مبعوث لأداء مهمة خطيرة وهو الآن مقيد في السجن فأغمي عليها بسبب ذلك لشدة حبها له وخوفها عليه.
ثم بعد أن علم صلاح الدين بحقيقة مشاعر سيدة الحسن وحقيقة مشاعر عماد الدين غلبت عليه شهامته ومروءته وقام بطمأنة سيدة الحسن وأنه لن يكرهها أبداً على الرواج منه وهي غير راضية وقلبها معلق برجلٍ آخر وأنها منذ الآن بمثابة أخته و|أنه يعتبر عماد الدين شقيقه وعند عودته بسلام يقوم بنفسه بالإشراف على زواجهما فكانت سعادة سيدة الحسن لا توصف فقد اطمأنت أخيراً أنها ستكون لمن يحبها وتحبه.
11 – من الجوانب الرومانسية كذلك المشهد الذي يصور اللقاء الغير متوقع بين عماد الدين وسيدة الملك بعدما أفاق من سكرته وخداعه عند الحشاشين وعلم زيفهم وكذبهم وهرب منهم ثم نجدته لسيدة الملك التي كانت قد اختطفت من قبل أبي الحسن وإنقاذها من بين أيديهم ثم حرارة الشوق التي أطفأها برد اللقاء ثم تحركهما سوية إلى السلطان صلاح الدين ثم استقرارهما ثم حفل زواجهما.
وذلك أن عماد الدين عندما تسلل إلى معقل الحشاشين وأعلن أنه يريد الانضمام لهم وخدمتهم وهذه هي مهمته حتى يقتل زعيمهم قد استخدموا معه كعادتهم الشعوذات والحشيش حتى يقوموا بخداعه وإيهامه وزرع بذور الولاء المطلق بداخله لهم وكادوا أن ينجحوا في ذلك حتى أفاق وعلم خداعهم ووسائلهم واستطاع أن يهرب منهم.
ثم عثوره على منزل لبعض أتباع الحشاشين ووجد فيه سيدة الحسن وكاد الرجال يقتلونها فأنقذها منهم وعلم منها ما حصل لأخيها وما كان من شهامة صلاح الدين معها ثم احتيال أبي الحسن حتى استطاع أن يختطفها ثم ما كان من سعادة اللقاء بعد الفراق وزوال متاعب والصعوبات بين المحبين العاشقين ثم انتهاء هذه المحنة بالزواج السعيد.