الحقيقة لا أعرف كيف أوصف الشارع الذي أسكن فيه؛ فأنا أمقت هذا الشارع للغاية ودائمًا ما أتمتم بكلمات القيظ والغيظ والغضب بسبب جدي الذي بنى لنا المنزل في هذا الشارع تحديداً.
شارعنا طويل عريض هذه ميزة لا بد من إدراجها ولكن يفتقر شارعنا لكل شيء تقريبًا، حيث يوجد محل بقالة كبير واحد فقط على أول الشارع؛ ولذلك نجد صعوبة في تلبية أحتياجتنا حيث نشق الشارع لآخره لنشتري ما نريد. يفتقر أيضًا لمحالات الطعام السريع على سبيل المثال في رمضان، الذي نشهده في الأوقات الحالية، نجد صعوبة في إيجاد الفول جيد الجودة، حيث إنه يوجد مطعمًا واحدًا لبيع الفول وهو سيئ للغاية. ناهيك عن محالات بيع الخضروات فهي أيضًا نادرة في شارعنا، ويستلزم على أمي أو أخواتي الجهاد وقطع مسافة كبيرة خارج شارعنا لشراء ما نريد من خضروات وفاكهة ولحوم. لا تعبأ أمي حمل شراء الدجاج - الحمد لله- يوجد في شارعنا سيدة تبيع الدجاج جيد الجودة ولذيذ الطعم.
في بداية الأمر عندما انتقلنا إلى هنا كانت المنطقة خالية من السكان، يسكنها القليل. نظام البناء هنا ليس مباني حكومية؛ كل شخص لديه القدرة المالية على بناء منزل يشتري بقعة أرض ويبدأ في البناء عليها، مما أدى ذلك لعدم وجود نظام في شكل المباني؛ كل شخص يبني حسب ما يريد مما شكل شكل منفر وغير متناغم. كل ذلك لا يضاهي المشاقة التي أتحملها للخروج والذهاب إلى أي مكان أريده. يجب أن أسلك الشارع الذي أستوطنه وأسير على قدمي أربع شوارع أخرى تساوي تقريباً شارعي الذي أستوطنه في الطول والعرض؛ حيث لا يوجد وسيلة موصلات للخارج.
في الأعياد لا يوجد أي مظاهر البهجة والفرحة هنا، كل بيت وعائلة تقفل على بيتها ولا تظهر أي شيء، لا يوجد أولاد يلعبون في الشارع أو أغاني الأعياد، حتى المساجد بعيدة ونادرًا ما أسمع الأذان، يوجد كنيسة كبيرة على بعد كيلو مترات من الشارع ولكن لا نسمع صوت أجراسها أيضًا. شارعنا يصيب بالاكتئاب والعزلة، حتى الآن لا أفهم نظرة جدي لهذه المنطقة الخالية من كل شيء. لا أدري كيف أتحمل العيش هنا حتى يومنا هذا. ولكنني أحمد الله كل يوم لأنها نعمة؛ يوجد من يفتقرون منزل يأويهم.