الحمد لله العلي العظيم، والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير، أما بعد:

فهذا مختصر أحكام الاعتكاف من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة وهو كتاب من إعداد: نخبة من العلماء، كما أنه (واضح العبارة، سهل التناول، يستفيد منه العامة والخاصة في عباداتهم ومعاملاتهم) كما جاء في مقدمته، فهذا الاختصار دليل إلى الكتاب الأصل ولا يغني عنه.

 الاعتكاف: لزوم المسلم المميز مسجداً لطاعة الله عز وجل، وثبتت سُنيَّته ومشروعيته بالكتاب، والسنة، والإجماع، ولا يجب على المرءِ إلا أنْ يوجبه على نفسه كأن ينذره، وهو مشروع حتى في الأمم السابقة.

وشروطه: أن يكون المعتكف مسلماً مميزاً عاقلاً، والنية: فينوي المعتكف لزوم معتكفه؛ قربةً وتعبداً لله عز وجل، وأن يكون في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، إذا كانت مدة الاعتكاف تتخللها صلاة مفروضة، وكان المعتكف ممن تجب عليه الجماعة، والأفضل أن يكون المسجد الذي يعتكف فيه تقام فيه الجمعة، ويشترط أيضا الطهارة من الحدث الأكبر، أما الصيام فليس بشرط في الاعتكاف.

ركن الاعتكاف: المكث في المسجد مقداراً من الزمن، وفي أقل مدته خلاف بين أهل العلم. والصحيح -إن شاء الله- أنه ليس لأقلِّه حد، فيصح مقداراً من الزمن، وإن قل، إلّا أنَّ الأفضل ألَّا يقل عن يوم أو ليلة.

وأفضل أوقاته العشر الأواخر من رمضان، ومن نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان صلى الفجر من صبيحة اليوم الحادي والعشرين في المسجد الذي ينوي الاعتكاف فيه، ثم يدخل في اعتكافه، وينتهي بغروب شمس آخر يوم من رمضان.

مستحباته: الاعتكاف عبادة يخلو فيها العبد بخالقه، ويقطع العلائق عما سواه، فيستحب له أن يتفرغ للعبادة، فيكثر من الصلاة، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والتوبة، والاستغفار، ونحو ذلك من الطاعات.

ويباح للمعتكف الخروج من المسجد لما لابد منه؛ كالخروج للأكل والشرب، إذا لم يكن له من يحضرهما، والخروج لقضاء الحاجة، والوضوء من الحدث، والاغتسال من الجنابة، والتحدث إلى الناس فيما يفيد، والسؤال عن أحوالهم، ويباح له أن يزوره بعض أهله وأقاربه، وأن يتحدث إليه ساعة من زمان، والخروج من معتكفه لتوديعهم، وله أن يأكل، ويشرب، وينام في المسجد، مع المحافظة على نظافة المسجد، وصيانته.

ويبطل الاعتكاف بالخروج من المسجد لغير حاجة عمداً، لأن الخروج يفوت المكث في المعتكف، وهو ركن الاعتكاف، الجماع، ولو كان ذلك ليلاً، أو كان الجماع خارج المسجد، وفي حكمه الإنزال بشهوة بدون جماع كالاستمناء، ومباشرة الزوجة في غير الفرج، ذهاب العقل، فيفسد الاعتكاف بالجنون والسُّكْر، كما يبطله الحيض والنفاس؛ لعدم جواز مكث الحائض والنفساء في المسجد، والردة.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



[email protected]