فُجِعَ الصاحبُ الشاعرُ ( ....) بِفَقدِ بَعضِه ، وبِكرِ ظَهرِه ، وثَمَرَةِ فؤادِ قلبِه ( يوسف ) !
وقد وقَعَ هذا المُصاب مني فأوقَعَ مني ؛ ذاك أن بيني وبين أبي يوسف – لا أخلى الله مكانه ، وخُطئ عنه السوء – قديمَ صُحبة ، ودورةَ زمان ، وتَقُلُّبَ عُمر !!

فإيهِ أبا يوسف ، ما أصعبَ تَبَكُرَ البِكر !

كيفَ السلُوُّ وكيف أنسى ِذكرَهُ *** وإذا دُعيتُ فإنّما أُدعى بِه !!

ولذا ، فقد حبلت حروفي اليوم إليك بعقم ، وتسربلت بمكشوف ، وائتزرت بعوار ؛ فالمُصاب ثمر ، والشجرة قلب ، والتعزية إنسان!
وزاد العيَّ حصراً أني لو عِظتُكَ ، كنتُ كمن يسوقُ التمرَ هجر ، والزمزمَ مكة ، والإيمانَ صحب ، والعلمَ تَبَع ، والمآثرَ سلف. لكنها سنة رب العالمين في تعزية المؤمنين للمؤمنين ؛ ابتغاءً للأجر ، وشُركاً في النازلة ، وتقسيطاً من المودة !
فيا أيها الصاح العزيز ، لا أعِظُكَ بالصبر ؛ وأنت عِظته ، ولا أُعيضُك ؛ وأنت عوض ، ولا أُذكِرُكَ ؛ وأنت ذكرى ؛ لكنما هو حديث اللهى أجراه الأسى !
فنعم ثم نعم ، لا أسفَ على يوسف وجائزته جنة ، ولا أسى على يوسف والموعد الله ، ولا حزن عليه والزاد صبر ، ولئن فاتك إلى جنة فلقد فته إلى أجر ، ولئن صار على يمين إبراهيم ، فلقد صرت في محراب رب العالمين .
ولا أسفَ عليه ، والله يقول: " لكيلا تأسوا على ما فاتكم " ، ولا جزَعَ عليه ومحمدٌ - صلى الله عليه وسلم – مُصيبتُنا ، و لا طولَ بُرَحاء وبيتٌ في الجنّةِ عن صبركم عزاء !

ولقد أحسنَ إليك – أيمُ الله - فحلُ مُضَرٍ حين أشجى الأسى فقال :

أيتها النفس أجملي جزعاً *** إن الذي تحذرين قد وقعا !

ثم هو الهناء لك بلا عزاء ؛ فكل مصيبةٍ بعد ( يوسف ) جلل :

لقد عزّى ربيعة أن يوماً *** عليها مثل يومك لا يعود

وخيرٌ من إياس الأسى ، وهناء العزاء ، قول أم سعد بن معاذ حين بشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهداء أحد – وفيهم ابنها - أنهم ترافقوا في الجنة فقالت : ومن يبكي عليهم بعد هذا ؟!

أخرَجَكُمُ اللهُ من حُزنِ يوسُف ، ورَدّ بَصَرَكُم إلى بَدَلِـه ، وجاءَ بِكُم من بَدوِ مُصِيبَتها إلى حَضَرِ ثَوابِها ، وأبعدَ عنكم نزغَ الشيطان ، ولا نقولُ في المبتدى والمنتهى إلا ما يرضي ربنا " اهـ .

آيدن .