أولاً: بيان استخدام ابن سلام للمنهج التاريخي في كتابه:

في المجمل لقد كان المنهج التاريخي في كتاب طبقات فحول الشعراء ظاهراً بادياً لكل ناقد فقد قام المؤلف محمد بن سلام بجمع الترجمات للشعراء في كل فترة زمنية جعلها طبقة من طبقاته وهذا من المنهج التاريخي ثم ترجم لكل شاعر وهذا من المنهج التاريخي أيضا غير أنه لم يهتم كثيراً بمولد ووفاة كل شاعر في طبقاته.

ثم ذكر المناسبات التي كانت الدافع لإنشاء قصيدة أحدهم وأغلبها تاريخية مثل معلقة عمرو كلثوم وقتله لملك المناذرة عمرو بن هند وذكر بعض القصائد التي قيلت في مقتل كليب بن ربيعة الذي كان بدوره فتيل إشعال حرب البسوس التي دامت طويلاً وذكر مدح زهير لهرم بن سنان لسعيه ومن معه في إيقاف حرب داحس والغبراء وفداء القتلى وكل هذه المناسبات تتعلق بأحداث تاريخية.

ثانياً: تعليقات على استخدام ابن سلام للمنهج التاريخي في الطبقات

طبقات الجاهليين وأصحاب المراثي والبلدان:

·  يوجد في المقدمة سلاسة التنقل من فكرة إلى فكرة وسهولة عرض الغرض من تأليف الكتاب وبيان أصل وبداية الشعر عند العرب والرد على بعض من ادعوا أسماء نسب قريش من ولد اسماعيل -عليه السلام- وذكروا أسماءاً من بعد مَعَدٍّ لم ترد عن أحدٍ من العرب قط..

· وأيضاً التزام الكاتب محمد بن سلام بالتوثيق لكل المعلومات والأخبار التي أوردها في كتابه حيث كان يعزو كل نصٍ إلى قائله وهذا من الأمانة العلمية المحمودة.

· لم أر من الصواب كثرة الشواهد الشعرية للموضوع الواحد والفكرة الواحدة فقد أسهب محمد بن سلام في هذه النقطة لكن ربما تكون هذه النقطة نافعة لمن يبحث عن مثل هذه الشواهد..

· محمد بن سلام قد ترجم لكل شاعر في كل طبقة ترجمة هي وسطٌ بين الإسهاب والخلل وأنها ترجمة تشتمل على كل مرحلة حياتية للشاعر المذكور إن كانت حياته معروفة ومشهورة وتكون أيضاً مشتملةً على أطرافٍ من مناسبات بعض قصائد الشاعر المذكور.

· لم أر من الصواب اقتصار محمد بن سلام على أربعة شعراء فقط في كل طبقة فبذلك قد حُرم بعض الشعراء الآخرين حقهم في التقديم أو الذكر.

· لم أر من الصواب كذلك تقسيم محمد ابن سلام طبقاته على حسب جودة الشعر وكثرة القصائد لكل شاعر أو قلته وأرى أنه كان من الأولى تقسيم الطبقات على حسب الفترات الزمنية للشعراء ثم ترتيب شعراء كل طبقة واحدة على حسب الاعتبارات المختلفة التي يراها ابن سلام من جودة الشعر وكثرة القصائد أو قلتها.

طبقات الإسلاميين:

· أسهب ابن سلام في ذكر أخبار بعض الشعراء في طبقات الإسلاميين ولم يكن المقام يستدعي كل هذا الإسهاب حيث كان المقام ذكر نبذ مختصرة عن أهل كل طبقة وليس الترجمة الكاملة لهم مثل الفرزدق وجرير والأخطل.

· في ترجمة ابن سلام للشعراء في طبقاتهم أغفل بعض التفاصيل مثل تواريخ الميلاد والوفاة كما أن المعلومات المتعلقة بكل شاعر غير مرتبة وغير منظمة وهي أشبه بحديث شخصين عن الأدب أو حديث عالم بالشعر والشعراء مع جماعة من أصحابه ويورد لهم الكلام حسب ما يرد في خاطره.

· عند ذكر قصائد بعض الشعراء لا يذكر ابن سلام كلمة او أكثر من شطرة من البيت الشعري للشاعر المذكور ولعل ذلك لاختلاف الروايات في هذه الكلمات المحذوفة وهذا يعد من الأمانة العلمية لكن كان من الأولى ذكر الروايات المختلف فيها جميعاً عوضاً عن حذف الكلمات بالكلية مما أدى إلى غياب معنى البيت الشعري المذكور.