"هم البنات للممات".
" ان غاب القط، العب يا فار".
" المنحوس منحوس، ولو علقوا بداره فانوس".
لطالما اعتدنا منذ الصغر على سماع العديد من الامثال الشعبية في محيطنا، ومن مختلف الاعمار!
أمثال لعديد من الحالات والمواقف الحياتية، منها ما يثير الضحك او يبعث الحزن ومنها ما يثير السخرية الى درجة التقليل من قيمة الانسان والحياة.
كما نعلم ان هذه الامثال ليست مقتصرة على بلد معين، وإنما لكل بلد امثاله الخاصة به، ومع مرور الازمان والاجيال اصبحت جميع الدول تتناوب على ترديدها حسب الحاجة، حتى أضحت في عصرنا الحالي وكأنها دستور حياة وجزء لا يستهان به من العادات والتقاليد، يلجأ لها البعض لدحض أو إثبات صحة الموقف.
العديد من الناس يرددون هذه الامثال حتى بدون أدنى تفكير بمدى صحة ما يقولون ، بدون التفكير ولو للحظة ب ما الذي سيتركه هذا المثل من الأثر في نفوس سامعيه.
لقد مرّ على مسامعي العديد من الامثال، البعض منها كنت أجهل ماهيتها حقيقة، والبعض الآخر كنت أدرك المغزى منها والذي ما كان دائما يثير استفزازي ، وأقف متعجبة كيف أن هذه الامثال قد خرجت من أفواه أُناس متقدمين بالعمر والذي من المفترض أنهم يمتلكون القدر الكافي من الوعي والاتزان.
وعند النظر بهذه الامثال نجد أنها لم ترد بأي من الأديان ولا حتى الشرائع ولم يؤت بها أي نبي مرسل من عند الله، ما هي إلا أحكام وأفكار قاموا أناس منذ آلاف السنين "لم نعش ظروفهم ونجهل طريقة تفكيرهم" بصياغتها وتوارثوها الى ان وصلت لعصرنا هذا.
وبالتمعّن بجزء كبير من هذه الامثال إن لم يكن جميعهم، نجد بأنهم مخالفين تماما لما ورد من سور وآيات في القرآن الكريم.
- - حيث أنها تقلل من شأن الناس.
- - تطلق عليهم الاحكام.
- - تحدد مصيرهم وترسم مستقبلهم.
- - تتحكم في قراراتهم.
وهذا كله منافي تماما لما ورد من احكام في الدين.
وهنا بعضاً من هذه الامثال والتي يرددها الناس بكثرة:
- "الأقارب عقارب":
نتيجة لهذ المثل أصبح الناس يرون اقاربهم وكأنهم أعداء لهم، يثقون بالغريب أكثر من القريب، يحبون الغريب أكثر من القريب، حتى وصل بنا الامر الى مشاهدة العديد من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تسخر من الأقارب والتي تصل في معظم الأحيان الى اهانتهم متجاهلين عبارة "الأقربون أولى بالمعروف".
- "هّم البنات للممات":
"وئد البنات" من عادات الجاهلية، واستمرار ترديد مثل هذا النوع من المثل ما هو الا إقرار ب استمرار الجاهلية وإن اختلفت الطريقة.
الأنثى هي نصف المجتمع و تنجب النصف الآخر و هي كما وصفنا الرسول صلى الله عليه وسلّم ب "المؤنسات الغاليات"، فكيف توصف الانثى بهذا الوصف!.
وسرعان ما أن ينشب خلاف بين المرأة وزوجها، أو تم انفصالها أو حتى تأخر زواج الفتاة تبدأ أصداء هذا المثل بالانتشار، متجاهلين تماما أثره في نفوس بناتهم.
- "الرجل ما بنعاب":
كيف تجرأ الانسان على وضع الاحكام وتحديد حياة ومصير الرجال بهذا الشكل؟!
فقط إعادة هذا المثل أكثر من مرة ندرك مدى التجاوز الكبير على قوانين الله سبحانه في هذا الكون والتي لم تفرق بين ذكر وأنثى.
تداول مثل هذا النوع من الأمثال ما هو الا إقرار بأن أبواب الجنان مفتوحة فقط للرجال ليدخلوها من دون حساب وهذا منافي تماما لأحكام الله.
- "أعط الخبز خبازه":
هذا المثل فيه معانٍ كثيرة للحد من التجدد والتطور، وكأن الشخص منا فقط يستطيع أن يمتلك مهارة واحدة في حياته، من هذا المثل اصبحنا لا نثق بقدرات بعضنا ولا حتى قادرين على منح الشجاعة والحافز للاخرين لتعلم وإتقان مهارات ومهن جديدة.
- "الموت مع الجماعة أرحم":
أصبح بعض الناس يقبلوا على فعل الكثير من الأمور وإن كانت لا ترضي الله بحجة الموت مع الجماعة أرحم، وكأنهم يدركوا بأن الموت جماعة يقلل من قدر العذاب والحساب.
في احدى المجالس النسائية كانوا يتناولوا الغيبة و النميمة على احد النساء ، و عندما قامت احداهن بنصحهن بأن هذا الفعل لا يرضي الله ، قالت احداهن بأن هذا حال جميع النساء في المجالس بينما قالت الاخرى الموت مع الجماعة ارحم!
كما أسلفت أن هذه الامثال لا تمتلك أية دلالات على صحتها، وعندما يتجرّد الانسان منها فإنه لن يكون على ذنب يحاسب عليه على الاطلاق.
الأجيال السابقة بالطبع يمتلكون العديد من الموروثات الجميلة، والذي من المفيد ان نقتدي بها، لكن ليس كل ما هو تحت مسمى "العادات والتقاليد" صالح للاستخدام.
على الانسان أن يعيش حياته ب حرية شديدة دون التقيّد بآراء او عادات، وألا يسمح للآخرين بتحديد طريقة تفكيره، حياته ومستقبله.
يقول فرانكل " كل شيء ممكن أن يأخذ من الانسان، ما عدا شيء واحد، حريته في اتخاذ موقف محدد في ظروف معينه، حريته في اختيار طريقه الخاص".