بقلم اسعد عبد الله عبد علي

الطريق نحو العمل متعب, أنها رحلتي اليومية, حيث انطلق من أقصى شرق بغداد, إلى أقصى غربها, وعلي أن اصعد أكثر من باص, لكن مع كمية التعب الكبيرة, الا أن الطريق يشعرني بكثير من السعادة, التي لن أجدها, فيما لو توفرت لي سيارة خاصة, أصل بها لمكان عملي, مثل قراءة كتاب, أو مصادفة صديق, أو شراء صحيفة, أنها طقوس الصباح.

أهم جزء من طقوسي, هو الذهاب لمقهى صديقي, لأشرب طلبي الصباحي, من صديقي عباس البرشلوني, "الشاي بالحليب", وبيدي مفكرتي, أدون فيها تساؤلاتي عن ماذا اكتب اليوم؟ حيث قررت أن اكتب عن الرياضة والفن والأدب, كي اهرب من عالم السياسة القذر, فماذا اكتب عن ثلة اللصوص, وهل ستكفي سطور شتائمي, في إرجاع حق إنسان سلبه الساسة, أو أن لعناتي ستصيب سياسي قذر, أو أن تتحقق معجزة, في أن يصحو ضمير كتلة سياسية, لذا وجدت نفسي اكتب عن تصفيات كاس العالم. 

في الباص, كان بين يدي مجموعة قصصية, بعنوان " الحلو المر", للكاتب الفرنسي موريس بونس, فغرقت في عالم موريس, وقد أعجبني الأسلوب الفرنسي في الكتابة, عندما يسرد قصصه, يتعمد أخفاء بعض الأشياء, كي يكتشفها القارئ, فدوما هناك سر خطير لتحرك الأشرار, دفعني موريس بونس للتفكير في علة ما فعله البرلمانيون, فلا يمكن أن نكون سذج, ونصدق شعاراتهم والكلام العلني, هناك مطبخ يتم فيه أعداد اغرب الأكلات, ثمة شخص يقف خلف الستار, ويحرك الدمى البرلمانية, لتهرج وتضحك العالم علينا, سرقونا بالأمس, وألان يبكون علينا, ويعتصمون لأجلنا, ويخفون أمرا مريب يسعون له, أنها لعبة دس السم بالعسل, فهم تلاميذ مجتهدين في مدرسة معاوية.

لكن الأكثر جنون في المشهد العراقي الحالي, أن تجد من يطبل لحفنة البرلمانيين, ويصدقهم ويتظاهر لأجلهم, وهذا أجده لسببين, الأول قضية عبادة الأشخاص, تقديس لمستوى العبادة, فالجاهلية متفشية في مجتمعنا مع الأسف, والسبب الأخر قلة الوعي والسذاجة في التفكير, تجعل الكثيرون يستجيبون لخزعبلات البرلمانيون والساسة, مع أن الشاطر لا يلدغ من نفس الجحر, فما بال البعض لدغ ألف مرة من نفس الجحر, ولا يتعلم.

أنها المأساة العراقية, بين ساسة مخادعون, وشعب يستجيب للخداع برحابة صدر.