إن كنتَ  مولعاً بشيء فلا يفرق أبداً إن باغتته من البداية أو النهاية أم من منتصف القبضة، الأمور التي نحبها نبتدأ بها بأي تاريخ كان، ومن أي جهة شديدة الوضوح كانت أم مفعمة بالجهل. 

ليلةٌ كانت كافية لجعلي أفكر بعمقٍ عن ( ما القواعد التي أتبعها؟ ) و ( ما العواقب إن خيبتُ أمل نفسي بتلك القواعد؟) و ( هل تُحصر قواعدي بعدد معين أم هي رمزيات غير منتهية؟)

الأمرُ  أشبه بتحقيق السلام العالمي و المحبة المتفانية ،أن أكون موقِن بالسلام أشّد اليقين و فاقِدٌ للثقة كلياً بالذين وجب عليهم تحقيق السلام، كذلك القواعد ، أنا أثقُ  أنني أتبعُ قواعداً فردها لي ضميري سبقاً وفي نفس الوقت أجهلُ ماتلك القواعد التي تنصُ   عليها نفسي وتفرضها علي!.

العقلُ والقلبُ  عضوان في جسدٍ واحد ، إن عرفَ  الإنسان نفسه إتحدا وإن نساها تضادّا  و أشدُّ الشرك أن يتصرف كلاً على هواه ، الضمير لهُ دور هنا في فرض القواعد التي تسلسل التناغم بين القلب و العقل ، فمثلاً يفرضُ   عليك ضميرك ( قُل الحقيقة وحاول أن لا تجرح أحداً )، فقولُ الحقيقة سيرضي عقلكَ و رفض التجريح سيُرضي قلبك، ناهيكَ عن إن تمادى أحدهم على مساحةِ الثاني كمثل أن يتعمد العقل في التحريض على قول كلمةٍ قد تؤثر على المُحَدَّث ، أو أن يلينُ قلبك و يدخل بعض الأكاذيب في الحقيقة المرة لجعلها ليّنة على المُحدَّث ، لاقى تأنيبٌ  وعقاب من الضمير ليسَ   لهُ سردُ مثيل 

هُنا يكمنُ دور الضمير والقواعد اللا محصورة التي يضعها تناسباً مع الرداء الذي علينا ، وأعتقد إن حاولنا فهم أنفسنا بشكلٍ أكثر ، و سايرنا ضمائرنا التي لا تخطئ لتوصلنا لحلولٍ منصفة لأغلب المشاكل التي تصادفنا في علاقاتنا العامة والخاصة مع الناس ، أو حتى في علاقتنا مع أنفسنا. 

القواعد ليست فقط قواعد الضمير، فالأديان السماوية أيضاً جميعها ساورها الله مع البشر لتضبطه و تعادلُ قلبه وعقله بتوازنٍ وتناغم 

القلبُ  والعقلُ يحكمُ عليهم قاضي شفاف ألا وهو الضمير، لكننا قبل قبول الحكم يجب أن نكون مطلعين على الدستور العام و الأحكام المفروضة و المرفوضة معاً ، ففي النهاية نحنُ المسؤولون عن المحكوم عليهم و القاضي معاً ، ولذلك أقول أن نحاول فهم القواعد التي تتبعها أرواحنا قبل أجسادنا حتى لا نتسرع بالحكم، وكتابةُ تلكَ القواعد ليست بالمستحيل أبداً ، لكننا نحتاجُ  لفهم لغة الضمير ليسهل علينا ترجمتها إلى لغاتٍ  مكتوبة. 

وفي الختامِ أقولُ لا يكمِلُ الليل إلا النهار  ، ولا يتبعُ الشمسُ   إلا القمر، ولولا القواعد الربانية في التسلسل والساعات لأختلفا وما أتفقا على أمر ، ضربتُ  مثالاً بالليل والنهار والشمسُ   والقمر ، فأتعتقدون حقاً أن القواعد والضوابط لا تعني البشر!  

انتهى.