على أي إنسان أن يبادر بتقديم الاهتمام أولًا ويبادر أيضًا بالسؤال عن الآخرين والمشاركة في مناسباتهم الاجتماعية حتى يجد من يهتم به و هنا يعرف الاهتمام في اللغة (مصدر اِهْتَمَّ) الاهْتِمَامُ بِالدَّرْسِ: إعْطَاؤُهُ أهَمِّيَّةً، الاعْتِناءُ. لذا يعرف الاهتمام على أنه اتجاه نفسي شعوري من طرف لآخر، بحيث يتم تركيز الانتباه حول موضوع أو حدث معين من خلال رغبة الطرف الأول في التعرف أكثر عن تفاصيل الموضوع أو الحدث أو حتى أخبار عن الطرف الثاني بهدف بناء وتكوين صورة معرفية بشأنها.
صور وأشكال الاهتمام
- السؤال المستمر وحب معرفة أخبار الطرف الآخر.
- القلق والخوف اتجاه حدث يخص الطرف الآخر.
- التركيز والاعتناء برغبات تسعد الطرف الآخر.
- تذكر أهم المناسبات والأحداث الخاصة بالطرف الآخر.
الاهتمام والفضول
صفات قد يراها البعض متشابهة ولكن كليهما صفات وشعور يشترك في جزئية السؤال وحب المعرفة عن الآخرين فقط ولكن الفضول يتوقف عند معرفة الشيء وتفاصيل الحدث، لكن الاهتمام نابع نتيجة خوف وقلق على الطرف الآخر ويتسم بالمبادرة لمساعدة الطرف الآخر ومشاركته أحداثه ليس فقط سماع أخباره.
هل الاهتمام يختلف باختلاف النوع والجنس؟
بالطبع الاهتمام يختلف في الدرجة والصورة والشكل المتبع باختلاف النوع (رجال أم نساء) نتيجة اختلاف الخصائص النفسية والشعورية للعرق والجنس فمثلًا نري ذلك وَاضِحًا نتيجة اختلاف خصائص الرجال والنساء كما يلي:
الرجال من أهم خصائصهم هي العقلانية وثبات المشاعر، حيث يعتمد على المنطق في حديثه من خلال نظرة إجمالية وموضوعية في تحليل المشاكل والأحداث، لذلك قد يكون لديه صعوبة في فهم المشاعر غير المنطوقة وبهذا يرى الرجال أن الاهتمام لا بد من أن يكون في شكل ملموس وليس حسيًّا أو عاطفيًّا فقط.
النساء تتميز بالعاطفة وتحكم على الأمور بمشاعرها، بالإضافة إلى أن لديها ذاكرة قوية وتهتم بالتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة ولكن لديها سهولة في فهم المشاعر المباشرة وغير المباشرة سواء ملموسة أو غير ملموسة، لذلك قد ترى أن النساء كثيرًا ما قد تهتم بتفاصيل مناسبات وأحداث للطرف الآخر.
ليس بالضرورة أن الخصائص المذكورة أعلاه تكون متشابهة لجميع الرجال أو النساء، فقد يكون هناك تشابه جزئي أو كلي للبعض نتيجة اختلاف البيئة والأحداث والمواضيع المشتركة بين الأطراف.
أهمية الاهتمام
الإحساس بالطمأنينة
قد يكون سؤالك ومتابعتك شخصًا آخر يعتبر سند له وإمداده بالطمأنينة المطلوبة، إذ قد يمر بظروف صعبة، غير مستقرة أو مغامرة مهنية أو حيرة في اتخاذ قرار معين ويحتاج من يقف بجانبه في أزمته حتى يحلها، بالطبع ليس المقصود هنا هو حل مشكلته أو القيام بالمهام بَدِيلًا عنه ولكن مجرد الزيارة له أو السؤال عنه أو التواصل تِلِيفُونِيًّا معه يصل له شعور بالدفء وأنه ليس وَحِيدًا بل لديه أشخاص آخرون داعمون له وقت الحاجة ومساندون لقراراته.
الثقة والطاقة
في بعض الأحيان ونتيجة ضغوط الحياة المستمرة والمتغيرة قد يمر أحد الأطراف بهزة ما، وقد تدور أفكار في عقله الباطن من تساؤلات منها على سبيل المثال: هل ما أقوم به صحيح أم لا؟ ما هي نظرة الآخرين اتجاه قراري؟ …… إلخ لذا بمجرد وجود أحد الأشخاص الداعمين له من خلال إبراز الاهتمام والاعتناء به، أي كان شكل هذا الاهتمام (عاطفي/ فكري) بهذا الاهتمام يمد الطرف فاقد الثقة بشحنة من الطاقة الإيجابية والتي تتم من خلالها شحن بطاريات دوافعه التي تساعده وتحفزه على استكمال رحلة الحياة وتخطي الصعاب.
ذلك يدفعنا لسؤال: هل الاهتمام أحادي الاتجاه؟
بالطبع لا، فالاهتمام نحو الخارج يتطلب أَيْضًا من الشخص الاهتمام نحو الداخل، فأي شخص يهتم بالآخرين لا بد وأن يحظى هو أَيْضًا باهتمامهم، بكل تأكيد أي نقص أو انعدام شعور الاهتمام لدي أي إنسان قد يسبب له شعورًا بالانسحاب/ العولة/ الوحدة/ التباطؤ الذهني مما قد يدخله دوامات الاكتئاب والتي أن بدأت لا بد من المرور بكل مراحلها وتعلم كل دروسها حتى ترسو الأمواج بك على شاطئ الأمان.
تذكر أَيْضًا أنك قد تكون مَسْئُولًا وَمُشَارِكًا في عدم اهتمام الآخرين بك من خلال عجزك عن التعبير عن مشاعرك وأحاسيسك بهم أو من خلال فرط الاهتمام بالآخرين بالدرجة التي تصل بك إلى تضيق الخناق على الطرف الأخر بحيث لا يعد قادراَ على التصرف بحرية، مثل الأم التي تبالغ في الاهتمام بأبنائها بحجة حمايتهم! بهذا الاهتمام الزائد قد تزرع بذور الخوف وعدم الثقة، أو الزوج/ الزوجة التي تبالغ في السؤال والاهتمام بالتفاصيل بحجة الغيرة! والتي تحول أجمل سمات الاهتمام إلى طوق من الحديد الفولاذي الذي يقيد حرية الطرف الآخر ويؤدي به إلى فقدان الثقة.
هل لك أن تهتم بالحدث أكثر من صاحب الشأن؟
ليس في كل الأحيان حيث إنه من الطبيعي أن يكون صاحب الشأن والمصلحة هو الأكثر دراية باهتماماته ومصالحه وترتيب أولوياته وبالطبع كونك طرف تريد أن تعتني بمصالح هذا الطرف الآخر، لك أن تفكر هل صاحب الشأن لديه أولويات أخرى؟ هل صاحب الشأن بدأ سَابِقًا في هذا الموضوع ويريد تأجيله في الوقت الحالي؟ هل صاحب الشأن تجاهل أحداث قد تغير في إعادة ترتيب مهامه وأولوياته إن عرفها؟ بكل تأكيد إلمامك بكل ظروف المحيطة قد تساعدك على معرفة السبب، ولكن كن على يقين أن صاحب الشأن لا بد من أن يكون المبادر والمحافظ على مهامه حتى يقدر على استكمال طريقه وعبور حواجزه.
هل الاهتمام يختص بالأحباء فقط؟
ليس بالضرورة أن يكون الاهتمام بين الحبيب والحبيبة فقط، ولكن الاهتمام متواجد بين الجميع “الأهل، الأصدقاء، زملاء العمل، الآباء والأبناء … إلخ” لذا الاهتمام هو شعور عام بين طرفين والاختلاف هو شكل الشعور النفسي طِبْقًا لطبيعة العلاقة والحدث بين الأطراف. لذا قد نرى مثلًا أشخاصًا مقربين أكثر من أشخاص بينهم صلة دم، وبالبحث عن الشيء المختلف هنا هو طبيعة وشكل الاهتمام فقد نرى أنه دائم السؤال عن حياته وأحواله أكثر من المقربين له.
لذلك على أي إنسان أن يقوم ويبادر بتقديم الاهتمام أَوَّلًا ويبادر أَيْضًا بالسؤال عن الآخرين والمشاركة في مناسباتهم الاجتماعية لكي يجد من يهتم به حتى إن لم يكن بنفس الدرجة. تذكر “الاهتمام يخلق حبا من العدم وانعدامه يقتل أكبر حب”.