الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن من طرق الدعوة إلى الله تعالى، تيسير العلم وتقريبه للناس، ومن الكتب التي سعت إلى تقريب الفقه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة من إعداد: نخبة من العلماء، فهو – كما جاء في مقدمته- (واضح العبارة، سهل التناول، يستفيد منه العامة والخاصة في عباداتهم ومعاملاتهم)، فعمدت –بعد توفيق الله- إلى اختصار أحكام الصيام من هذا الكتاب، فهذا المختصر دليل إلى الكتاب الأصل ولا يغني عنه، ويجدر التنبيه هنا إلى أمور: ما بين «القوسين» إضافة ليستقيم السياق، المختصر له نفس ترتيب الكتاب إلا في موضع واحد فقط وهو مكروهات الصيام.

«الصيام لغة»: الإمساك عن الشيء، «وشرعا»: الإمساك عن الأكل، والشرب، وسائر المفطرات، مع النية، من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، «و»أركانه: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، «و»: النية.

«وهو فرض» بالكتاب والسنة والإجماع، وأجمع المسلمون على كفر من أنكره.
«وينقسم إلى»: واجب، وتطوع؛ والواجب ينقسم إلى: صوم رمضان، صوم الكفارات، صوم النذر.
وفضائله كثيرة، «وشُرِعَ » لِحِكَمٍ عديدة «منها»: تزكية النفس، وتطهيرها، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة، تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة ونعيمها، العطف على المساكين، والشعور بآلامهم.
شروط وجوبـ «ـه»: الإسلام، البلوغ: ويصح من غير البالغ إذا كان مميزاً: وينبغي لولي أمره أن يأمره بالصيام ليعتاده ويألفه، العقل، الصحة: فمن لا يطيق الصيام لم يجب عليه وإن صام صح صيامه فإن زال المرض وجب عليه «الـ»قضاء، الإقامة: «و»لو صام المسافر صَحَّ صيامه ويجب عليه «الـ»قضاء، الخلو من الحيض والنفاس.
«و»يثبت دخول رمضان برؤية الهلال، بنفسه أو بشهادة غيره على رؤيته، أو إخباره بذلك، فإذا شهد مسلم عدل برؤية هلال رمضان ثبت بهذه الشهادة دخول شهر رمضان؛ «وإلا» وجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً، ويثبت انقضاء رمضان برؤية هلال شهر شوال بشهادة مسلمين عدلين، «وإلا» وجب إكمال عدة رمضان ثلاثين يوماً.
«و»يجب على الصائم أن ينوي الصيام، من الليل في الصيام الواجب، «أما» صيام التطوع، فيجوز بنيَّةٍ من النهار، وتكفي نية واحدة في بداية رمضان لجميع الشهر، ويُستحب تجديدها في كل يوم.
يباح الفطر في رمضان «في حال» المرض والكبر، فإذا برئ «المريض» وجب عليه «الـ»قضاء، والمرض الذي يرخص معه في الفطر هو المرض الذي يشق على المريض الصيام بسببه، «أما» العاجز عن الصيام عجزاً لا يرجى زواله، بمرض كان أو كِبَر، «فيطعِم» عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من بر، أو تمر، أو أرز، أو نحوها من قوت البلد، «أي» كيلوان وربع تقريباً، ويباح الفطر في السفر «المباح» الطويل الذي يباح فيه قصر الصلاة، «أي» حوالي ثمانين كيلو متراً.
«و»المرأة التي أتاها الحيض أو النفاس تفطر وجوباً، ويحرم عليها الصوم، ويجب عليها القضاء، «كما أن» المرأة إذا كانت حاملاً أو مرضعاً، وخافت على نفسها أو ولدها بسبب الصوم جاز لها الفطر، وتقضي الأيام التي أفطرتاها، وذلك إن خافتا على نفسيهما، فإن خافت الحامل مع ذلك على جنينها، أو المرضع على رضيعها؛ أطعمت مع القضاء عن كل يوم مسكيناً.

ويفطر الصائم بفعل أحد الأمور التالية: الأكل أو الشرب عمداً، ويفسد الصوم بالسَّعُوط، وبكل ما يصل إلى الجوف، ولو من غير الفم مما هو في حكم الأكل والشرب كالإبر المغذية، «ومن» جامع وهو صائم بطل صيامه، وعليه التوبة والاستغفار، وعليه مع القضاء كفارة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، وفي معنى الجماع: إنزال المني اختيارًا، وعليه القضاء دون الكفارة، «و»التقيؤ عمداً، وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم عمداً، «و»الحجامة، وهي إخراج الدم من الجلد دون العروق، وكذا يَفسُد صوم الحاجم أيضاً، إلا إذا حجمه بآلات منفصلة، ولم يحتج إلى مص الدم، فإنه -والله أعلم- لا يفطر. وفي معنى الحجامة: إخراج الدم بالفَصْد، وإخراجه من أجل التبرع به. «و»متى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس أفطرت، ووجب عليها القضاء. «و»من نوى الفطر قبل وقت الإفطار، بطل صومه. «و»الرِّدة.

يستحب «للصائم» : السُّحُور ووقته من منتصف الليل إلى طلوع الفجر، تأخير السُّحُور، تعجيل الفطر، الإفطار على رُطَبَات، الدعاء عند الفطر وأثناء الصيام، الإكثار من الصدقة، وتلاوة القرآن، وتفطير الصائمين، وسائر أعمال البِر، الاجتهاد في صلاة الليل، الاعتمار، قول: "إني صائم" لمن شتمه.
«و»يكره في حق الصائم: المبالغة في المضمضة والاستنشاق، القُبْلَة لمن تحرك شهوته، وكان ممن لا يأمن على نفسه، وكذلك عليه تجنب كل ما من شأنه إثارة شهوته وتحريكها لأنه قد يؤدي إلى الإمناء، أو الجماع، بلع النخامة، ذوق الطعام لغير الحاجة.

إذا أفطر المسلم يوماً من رمضان بغير عذر، وجب عليه أن يتوب إلى الله، ويستغفره؛ لأن ذلك جرم عظيم، ومنكر كبير، ويجب عليه مع التوبة، القضاء على الفور على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأنه غير مرخَّص له في الفطر، والأصل أن يؤديه في وقته. أما إذا أفطر بعذر لا يجب «القضاء» على الفور، بل على التراخي إلى رمضان الآخر، ويستحب التعجيل بالقضاء، لأن فيه إسراعاً في إبراء الذمة، ولأنه أحوط للعبد؛ «و»إن أخَّره إلى رمضان الثاني بغير عذر، فعليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، ولا يشترط في القضاء التتابع.

الصيام المستحب: «ومن حِكَمِه» زيادة في الأجر، وجبراً للنقص، «لأن» الفرائض تكمَّل من النوافل يوم القيامة. والأيام التي يستحب صيامها: صيام ستة من شوال، صيام يوم عرفة لغير الحاج، صيام يوم عاشوراء، صوم الاثنين والخميس، صيام ثلاثة أيام من كل شهر ويستحب أن تكون الأيام البيض، صوم يوم وإفطار يوم وهذا من أفضل أنواع التطوع، صيام شهر الله المحرم، صيام تسع ذي الحجة.
«و»يكره إفراد شهر رجب بالصيام، إفراد يوم الجمعة بصيام، إفراد يوم السبت بصيام، أيام التشريق ورُخِّص في صيامها للمتمتع والقارن إذا لم يجدا ثمن الهدي.
«ويُحرم» صيام يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، فإن كانت السماء صحواً فلا شك، «كما يُحْرَم» صوم يومي العيدين.

وصلى الله على البشير النذير والسراج المنير

[email protected]