بقلم المدون المحامي : إيهاب ابراهيم -
إن الدارس والباحث لمنحى التطور البشري والمجتمعي في معظم البلدان وتشابك أو تناقض علاقاتها مع بعضها البعض سيتوصل الى نتيجة حقيقية وواحدة عبر نظرة شاملة بعد تحليل جزئي وعميق وتقاطع المحاور المسببة لكل المشاكل والصراعات والمآسي التي تعاني منها الشعوب والبلدان على إمتداد البسيطة ألا ومفادها أن هناك شيء ما يحدث وراء الكواليس وفي الغرف المعتمة والمظلمة ..؟؟
فالسياسة على إختلاف تعاريفها تهتم بالشأن العام الداخلي والخارجي للفرد والمجتمع عبر تداخلها مع المصالح وعلم الإجتماع والأقتصاد والنمو السكاني والأستهلاك العالمي الى أخر ذلك من عوامل وأسباب ودوافع تتشابك وتتظافر مع بعضها البعض لنشوء أو فناء أو تطور أو تراجع المجتمعات والبلدان .
وهذا ما كان في عمق وصلب إهتمامات وأولويات سادة العالم وحكّامها عبر كافة العصور وخاصة في القرون الاخيرة فحكام وسادة العالم الخفي والسفلي أدركوا أن مفاهيم ومصطلحات كالحرية والعدالة والمساواة والديموقراطية والإستقلال وحق تقرير المصير والسيادة هي مفاهيم وقيم ستعمل على الحد من مصالحهم السادية المتنامية بشكل سرطاني كبير وهذا بحد ذاته معركة ستكون في غير صالحهم على المدى البعيد لذلك عمد هؤلاء من خلال ما يمتلكونه من نفوذ مالي وإقتصادي هائل على التوغل كالفيروس في كل مفاصل الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية .
لقد أصبح الهدف واضحاً أمام ناظريهم ألا وهو السيطرة على أماكن صنع القرار عبر العالم ككل ......!!!!
لقد قام جهابزة وعلماء أولاءك السادة العظام من مفكرين سياسيين وعسكريين وإقتصاديين وعلماء فلسفة وعلم إجتماع وحتى إعلاميين بتقديم دراسات وإعداد تقارير وشروحات تفصيلية عن الواقع الديموغرافي والروحي والديني والإجتماعي والإقتصادي لكل المجتمعات والبلدان لإيجاد ثغرات ونقاط ضعف يمكن إستخدامها والتسلل عبرها للسيطرة على العوالم المترامية الأطراف .
في القرن الماضي وتحديداً عام 1975 تم إجتماع كبار السادة والمفكرين في هيئة أو مؤتمر أطلق عليه اسم ( نادي روما ) وضع خلاله هذا المؤتمر معادلة تتألف من ثلاثة محاور لتقسيم الواقع ألا وهي : 1- السكان - 2 - توزيع الثروة - 3 -الموارد الطبيعية ... إنتهت الى خلاصة مفادها أن عدد السكان في تزايد كبير بينما الموارد الطبيعية على إختلافها في تناقص لذلك فالصراع الحقيقي سيكون على توزيع الثروة.... أي النفوذ لأن من يمتلك الثروة سيمتلك النفوذ بمختلف الأحوال وبالتالي الحل كان هو الحد من زيادة عدد سكان الأرض عبر وسائل عديدة أهمها :
- صناعة الحروب بمختلف أشكالها الدينية والإثنية والطائفية والعسكرية الأمنية عبر اللعب على الإختلافات العرقية والدينية والمذهبية والجيوسياسية وتحويلها الى خلافات .. أي صناعة الأيديولوجيا التي تمهد لظهور بوادر الحرب والخراب في كل مكان من على سطح الأرض .
وبالتالي هذا يتطلب وجود عدو دائم لكل أمة ومجتمع تتوفر فيه الشروط والظروف الموضوعية المؤهلة لبوادر التناحر والإقتتال عبر تغذية وخلق هذا العدو في كل زمان ومكان من عمر البشرية لذلك ظهرت في العصر الحديث مفاهيم و مصطلحات عريضة كعنوان صراع الحضارات والقوميات مروراً بالعقائد الدينية وكان آخرها عنوان أو مصطلح الأسلام هو العدو القادم الى هذا العالم عبر الأسلام السياسي والمنظمات الإرهابية والتكفيرية التي هي صناعة رأسمالية بإمتياز ..
وللعمل على هذا الجانب كان لا بد من إتباع الوسائل والأليات التالية :
إتباع سياسات إقتصادية إستعمارية عبر إستغلال ونهب ثروات الشعوب والبلدان الغنية بالموارد والثروات الطبيعية ولكنها ضعيفة عسكرياً وأمنياً وهذا بعد أن تكون أنهكتها الصراعات والحروب الداخلية أو الخارجية فتأتي الحلول الجاهزة والمعلبة لتكمل عملية النهب عبر تقديم وصفات إقتصادية يكون لبوثها المساعدات والقروض والتسهيلات الإئتمانية من البنوك الدولية والهيئات الإغاثية التي هي في الأصل أدوات بأيدي أولاءك الشياطين الحقيقيين .
- السيطرة الإعلامية وتتم عبر السيطرة على صناعة الخبر والمعلومة أولاً وتعليبها ثانياً ومن ثمَ تقديمها الى الناس بمفاهيم جديدة وعصرية تناسب مخططاتهم وتلعب على الوتر العاطفي والغرائزي للإنسان والمجتمع ككل ...
فتروج لمفاهيم مثل إن الحق والعيش والبقاء هو للإنسان المنتج والفعّال وهو من يستحق العيش والبقاء ..!!؟؟
مع الأخذ بالعلم إن تلك المجتمعات البشرية هي ضحية ونتيجة للإستغلال والنهب الممنهج عبر التاريخ قامت به تلك الفئات القليلة التي لطالما إعتاشت على إمتصاص دماء البشر ...
كما كان للسيطرة والنهب الممنهج عبر العقود الطويلة أن أدى لتطور تلك الدول عبر إمتلاكها للثروات من أن يؤدي الى لأحتكارها للتفوق التقني والتكنولوجي لوسائل وأدوات الصناعة والإنتاج بمختلف أشكالها مما اتاح لها وبشكل كبير عبر منظماتها وهيئاتها وشركاتها العابرة للقارات من زيادة السيطرة على باقي شعوب المناطق الفقيرة وإيقاعها بمآزق وحروب دائمة عبر إيهامها بوجود ذلك العدو الخفي والدائم الحاضر في كل لحظة للإنقضاض على ثروات وتاريخ وثقافة ومستقبل تلك الشعوب المغلوب على امرها .
لذلك فتفاقم الحروب والأزمات وإستمراريتها هو صناعة بشرية شيطانية بإمتياز تمت بدراسة متأنية وبعقل بارد لخلق أزمات عالمية إقتصادية وعسكرية وأمنية في كل منطقة من هذا العالم بهدف بيع وإستهلاك أدوات ومنتجات الحرب ألا وهي الاسلحة العسكرية لإستنزاف خيرات الشعوب والبلدان ليتم لهم الهدف الحقيقي والبعيد ألا وهو تجميع الثروة وأحتكارها بيد قلة قليلة لا يتجاوز عددها المئات في هذا العالم وبذلك تدوم لهم السيطرة والنفوذ المالي المرعب مدعومين بأدوات مرتهنة لهم من هيئات ومؤسسات وشركات تعمل في الظاهر على أن هدفها إنساني بحت لكن في الحقيقة هي تنفذ مخططات مدروسة وممنهجة وبرامج محددة في كل زمان ومكان لخدمة الأسياد ... حكّام العالم وسادته الخفيين .
وفي المحصلة إن التحدي كبير والهدف أكبر على المستوى الإجتماعي والسياسي والإقتصادي لمحاربة تلك المخططات الشيطانية وبالتالي على الدول والمجتمعات التي تود النهوض والتقدم الى ركب الحضارة من الإعتماد اولاً على المخزون البشري الذاتي والموارد الطبيعية في أي بلد وأٌمة وإتباع سياسات واضحة المعالم هدفها إعادة بناء الفكر الأنساني وتكريس مفاهيم الوطن والمواطنة وتشجيع روح الإبداع والإبتكار وتحمل المسؤوليات إضافة الى المحاسبة الجادة في محاربة الفساد والمفسدين وخاصة المرتبطين بسياسات عابرة للقارات هدفها هو خدمة المشروع العالمي الكبير في تفتيت الأنسان أولاً والمجتمع ثانياً عبر صناعتها لثقافة الموت والحرب ...
لذلك فشعارنا في المرحلة القادمة يجب أن يكون هو صناعة ثقافة الحياة والسلام رغم أن التحدي كبير لذلك فعلينا أن نكون على قدر التحدي والمسؤولية وإلا لن يشفع لنا بعد ذلك أي مبرر ولن تقوم لنا قائمة بعد ذلك عبر التاريخ البشري والإنساني ....
www.facebook.com/ihab.ibrahem.54
www.twitter.com/ihab_1975
e.mail:[email protected]
gmail:[email protected]