سوق العمل على المستوى العالمي صار يشبه سوق عكاظ. يحج إليه من كل فج عميق من رأى في نفسه الموهبة و القدرة على المنافسة. إذا سطع نجمه، على شأنه و غلى ثمنه، و اذا كان غير ما اشتهاه كسب خبرةً و اتخذ وظيفة على قدر مؤهلاته.
ثمرة هذا أن بات من المعهود أن نرى لبنانياً على رأس أكبر ماركة سيارات يابانية، و أن نرى هندياً يدير عملاق المعلوماتية في أمريكا، و أن لا نستغرب تركياً يملك زمام أكبر مصانع الأدوية في ألمانيا، أو نسمع عن إفريقيٍ رئيساً و مديراً عاماً لأعرق بنوك سويسرا.
عشاق كرة القدم تعودوا أن يصنع بوسنياً أفراح الجزائريين، و أن تعطى زمام قيادة منتخب الفراعنة لبرتغالي، و أن يدير الطاقم الفني لفريق الاحلام الأمريكي ألمانياً. الاحتراف حتما رفع مستوى المنافسة و رفع الاداء و زاد من قيمة اللعبة و عوائدها على ملاك النوادي و اللاعبين.
الكثير من الدوائر الحكومية و المشاريع الوطنية في دول الخليج تسير استعانة بعقول أجنبية جلبت معها الخبرات و ساهمت في صناعة النجاحات و قسط كبير من الفضل في التقدم المذهل خلال فترة قصيرة يعود إلى انتداب مواهب احترافية.
عندما تقاعدت أنجيلا ميركل من قيادة الحكومية الالمانية و قد عرفت تحت ادارتها المانيا نمواً اقتصادياً غير مسبوق، صرت أحلم أن أفاتحها في فرصة عمل! قلت في نفسي إن أنجيلا تقاعدت في سن مبكرة و أنها لا محالة ستشعر بالملل بعد بضعة أشهر من التقاعد. لا زال لأنجيلا الكثير الذي يمكن أن تقدمه و لا سيما بعد الخبرة التي اكتسبتها في ألمانيا.
كنت سأقول مخاطباً أنجيلا: أعلم أنك تحبين التحديات! نبحث عن رئيس حكومة لدولة بلاد أوغلاندا. بلادٌ تزخر بالموارد الطبيعية و الطاقات الشابة و تفتقر إلى مسير محترف يتفانى في عمله و اذا انتهى عقد شغله خرج منها مسالماً دون نهب و تركها في أوج الازدهار. تماماً مثلما تركت أنت وظيفتك في المانيا دون عيد وطني او تمثال في ساحة برلين!