.
لا يوجد تاريخ لشعب ما؛ دون تضحيات جسام وأعظمها الشهادة، التي لا تنالها إلاّ القامات العالية والأرواح المتألقة، فتذهب الى بارئها وأفكارها تدور في أرض الوطن، وتلتصق على جبين المخلصين ومَنْ تمتد جذورهم في أرض بلدهم، فيرحل الأشخاص وتبقى المشاريع تتوالد أجيال.
كم نحن بحاجة الى تلك التضحيات، وما عزيمة الحشد الشعبي؛ إلاّ إمتداد لقادة كبار؛ أتسع قلبهم للعراق وشعبه، وإمتدت يدهم لتجمع لا تفرق.
يخبرنا التاريخ أن الدماء إمتزجت في أعلي صخور الجبال ومياه الأهوار، وتحدثت الأجساد في المقابر الجماعية، عن قوة العراق بتنوعه تحت راية الوطن، وهي ذات الدماء منذ 40 عام، ونفسها مَنْ يقاتل الإرهاب في هيت والفلوجة والموصل، وذات المشروع المُعادي؛ أن لم ينجح بالإرهاب والفساد، فقد إعتمد التضليل وخلط الأوراق، وتشويه دعوات حماية الثروات بأنها للإنفصال وتخوين الشركاء، ومحاولات مستمرة لإشعال النار في بيت الوطن.
تلك التضحيات حاربها المكر والدهاء؛ فكانت صابرة مؤمنة بمشروعها، وكم حاولوا كسرها فتكسرت تلك الأيادي، أمام سارية تحمل صور الشهادة ومشروع الوطن والعقيدة، ومنطلق الاعتدال والوسطية في زمن التطرف والمزايدة، وقلوبها صامدة التي لا تهزها انتكاسات؛ صارت محطات للمراجعة، والإنتصارات لا تُغري أصحاب المشاريع الوطنية. 
يصعب الحديث عن إيجاد مخرج للأزمات؛ في وقت تنغلق القوى السياسية على بعضها، وتترك التضحيات والحلول على قارعة الأنا والمزايدة والمشاريع المشبوهة، وبين هذا وذاك يبقى باب مفتوح مهما تبدلت التصورات وإختلفت المحطات وتعالت الشخصنة والنرجسية وسياسة التأزيم.
إن الإختلاف لا يرقى الى الخلاف في وجه نظر العقلاء، وما دامت معظم القوى تعتقد أنها تسعى لتقريب وجهات النظر حسب رؤيتها؛ لذلك تعدد وجهات النظر إثراء للقضية وكسب لأكبر قدر من القبول الشعبي والوسطية، وتخطي لمنتصف طريق؛ فيه ربح للطرفين وبالنتيجة كسب الوطن لجناحين، ومن ضرورات المرحلة وخطورة المنعطفات والتهديدات؛ يبقى الرهان على تشخيص القوى لنقطة الإلتقاء والباب المفتوح في كل الأزمات، وإستذكار قيمة التضحيات.
الحديث صعب؛ إلاّ عند قوة وطنية عاقلة في مشهد تنوع العراق، ولها القدرة على ممازجة أجيال الخبرة والتضحية وشباب يتطلع للأمل؛ بمشروع واضح المعالم.
من فيض ذكرى الشهيد محمد باقر الصدر (قدس)، والشهيد محمد باقر الحكيم (قدس)، وبنظرة عقلائية بسيطة؛ قلّ ما نجد إجتماع خطاب الشركاء والفرقاء والمختلفين في وجهات النظر، ويجدر بالذكر أن بوصلة السيد عمار الحكيم؛ هي الوحيدة القادرة على ترك بابها مفتوح في كل الأزمات، وما إجتماع القوى السياسية في ذكرى يوم الشهيد؛ إلاّ دليل على حاجة القوى السياسية؛ الى الإستفادة من تجربة تضحيات الشهيدين ووفاء لما قدموا من أجل هذا الوطن؛ حيث جادوا بكل ما يملكون؛ لوحدة التراب ورفض كل أساليب التفرد والإستئثار، وليتذكروا أن الدماء التي سالت قبل 40 عام الى اليوم؛ ليس لها هدف سوى المحافظة على سيادة الوطن وحماية مواطنيه، وتوحيد الخطاب برؤية مشروع بناء دولة.