نعيشُ في هذا المجتمع الطبقي المكون من طبقات وفئات مجتمعية تعتمد على المادة كمصدر خام يقوم بتشغيل أدمغة رؤوس هذه الطبقات، وكلمة طبقات جمع مفردها كلمة طبقة وتُعرّف في اللغة على أنها مصطلح يَدُل على وحدة متجانسة من شيء ما، فإذا كان هذا الشيء هو البشر فبهذا نقول عن طبقات البشر أنهم أُناس مِن زمان واحد وثابت هو الذي نعيشه يجمعهم رابط ثابت قائم على المادة .

والمادة بحد ذاتها ليست المشكلة الحقيقة الذي نعيشها، فالإنسان في هذه الدنيا يجب عليه السَعي نحو حياة كريمة وهانئة، لكن تجد أن هذا الكائن الموحد لرب السماء بعظمته قد أعطاه العظيم عقل وجسد تسكنه روح، وجعل له من هذه الأرض مسكناً كي يسعى لإعمال عقله وتطوير الأرض وتهذيب روحه لكي لا تصبح هذه الروح شريرة، مِن هنا يبدأ الصراع اللدني في نسل بني آدم الذي تطور في تفكيره وتفكُّرِه وأفعاله كنتيجة لذلك، فهو لم يتطور عضوياً متحولاً من كائن الى آخر كما زعم دارون وغيره .

وبدأ الإنسان بتحويل العناصر في هذه الطبيعة لخدمته ولخدمة جَشعه هذا من جهة ومن جهة آخرى كان هنالك مَن يحول هذه العناصر وغيرها الى خدمة الناس جمعاء فلم تكن هنالك  جشاعة بل عطاء نقي، الفرق هنا ليس في العقل وطريقة إعماله بل في الصفات المكتسبة التي إما أن تكون حميدة او تكون غير حميدة، نتيجة للتفكير بهذه الصفات يُصبح الهدف مختلف إحداها سيء والأخر جيد، فيحدث الصراع وتشكيلات تعقيداته المختلفة التي نعيشها اليوم متمثلة في تكوين شيء إصطلحه الكيميائيون ألا وهو " الرواسب "، وأضاف علماء الإجتماع إليه كلمة آخرى كي يَدُل على المجتمع وتعاملاته فأصبح تركيب مزجي " رواسب إجتماعية " وهو يَدُل على صفات بمختلف أنواعها تراكمت جيل بعد جيل وحِقبة تلي حِقبة حتى أصبح الإنسان لا يقوم بالتفكير بها بل أصبحت جُزء مِن حياته، ولأن المجتمع الواحد هو عدد من الناس التي تشترك بمجموعة صفات وعادات مشتركة والمشاركة بين الناس بالصفات أسهل للتعايش مِن إكتساب صفات جديدة فالناس في أي مجتمع تُحب المعتاد وتكره الجديد، ولذلك يتم التحكم في روابط المجتمع والسيطرة عليه لمن رغب بمد سيطرته على قومٍ ما، فإذا عُرفت الصفات المشتركة لم يبقى سوى إخضاع العقل الواعي .

نأتي الى التحليل هل هذه الرواسب مفيدة ام ضارة للناس؟ هذا التساؤل خاطئ لأنه لا يوجد شيء يترسب ويصبح جيد إلا في حالة كان الراسب هو المصدر لكل شي، لكن بما أننا نمتلك العقل وهو  يجب أن يكون المصدر، فأي شيء يأخذ مكانه ليصبح مصدراً هو بالطبع مؤذي بالعملية الحيوية للمجتمع، لذلك التخلص من هذه الرواسب أمر لا بُد منه والسعي نحو ذلك لا يتم الا بالتحرر من أفكار سيطرت على العقل حتى تآكل الدماغ من أثر الصدأ الذي سببته ولا يتم التحرر هكذا بل عن طريق توجيه تيار فكري قوي يضرب قاع المجتمع فيُزيل الرواسب مخلفاً بذلك طهارة للروح أولا وللعقل ثانياً فيصبح العقل حراً طليقا كما خُلق.


محمد عدنان يوسف