إن لكل أمة دستور وقانون ومرجعية يرجعون إليها، ونحن أمة الإسلام لدينا أفضل مرجعية وأعدل قانون وأسمى شريعة، هداية، نور، سعادة للفرد، للأسرة، للمجتمع، بل حتى على مستوى الدولة(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ)، نحاول في هذا المقال أن نتلمس بعضا من هدايات قوله تعالى (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ):
- عندما كان المسلمون يحكمون ويحتكمون إلى القرآن كانوا أعزة ذوي قوة عقدية اقتصادية عسكرية علمية وغيرها(إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
- كلما اقتربنا من هدي القرآن، أخذنا بنصيب من الهداية والسعادة، وكلما تركنا شيء ولو بسيط من تعاليم وأحكام القرآن، أصابنا بقدر ذلك الشقاء، فالبعد عن القرآن شقاء، فأفرادا ابتعدوا عن القرآن يصاحبهم الشقاء، وهكذا المجتمعات ، وصولاً إلى الدول والحضارات:(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) ، فالأوربيون لما تطورو صناعياً ولكن بدون هدي إلهي؛ كانت النتيجة أن استعبدوا الكثير من الشعوب وأبادوا الملايين من البشر، وخرج من معامل الكيمياء والفيزياء قنبلة قتلت أكبر عدد في التاريخ في اقصر مدة، باله من إنجاز لكنه في الشر، والعلم ممدوح إذا كان نافعًا، فإذا كان بدون أخلاق أهلك الحرث والنسل، وهدم المستقبل الدنيوي والأخروي.
- كل المسلمين يحلمون بأن يحكموا بالقرآن؛ كتاب ربهم الذي (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ)، ولكن هذا لا يتأتَّى لكثير من المجتمعات الإسلامية بسبب العداء السافر والظالم والتشوية المتعمد لكلّ ما له صلة بالإسلام، لكن ماذا يمكن أن يعمل المسلم العادي، في الحقيقة هناك أمور منها:
- تقيم شرع الله في نفسك، في أسرتك، في بيعك، في شرائك، لا تقبل حكماً وضعياً، أو قبلياً، أو عادات وتقاليد (وكل ما خالف شرع الله فهو عين الظلم) (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا).
- أيضاً يجب على المسلم الدفاع عن إقامة العدل المتمثل تحكيم ما أمر الله به في كتابه وعلى لسان رسوله(يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)، فعدم وجود الحق لا يعني التطبيل والرضى والقبول السكوت عن الباطل، بل يحارب بحسب الاستطاعة، ونحن مأمورون بالعمل وغير مطالبين بالنتائج، فالهدف هو إرضاء الله تعالى، فيوم القيامة يأتي (النَّبِىَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ، وَالنَّبِىَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِىَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ)، فالعبرة بالسير في الطريق القويم، لا الوصول إلى الغاية، فمن مشى في طريق الحق متعلمًا وداعيًا، فقد حقق الهدف المرجو منه، وإن لم يستجد له أحد.
- أيضا تحاول أن تنشر العدل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وتبين الظلم وتفضحه وتجلِّيه للناس ما وسعك ذلك، خصوصا إذا كان يسمى بمسميات براقة: كالحرية، والإنسانية وغيرها التي ظاهرها الرحمة وباطنها الظلم والجور؛ وأبرز مثال على ذلك أظلم مجلس في العالم، واكبر وكر للظلم على وجه الأرض: (مجلس الأمن)، والنبي صلى الله وسلم قال:(بلغوا عني ولو آية)، ومن بيان الباطل وأهله التحذير منهم، ومن طرقهم التي نهايتها إلى الجحيم والعياذ بالله.
- في الحقيقة نحن في أمس الحاجة في هذا الزمن لتحكيم العدل المتمثل في إقامة شرع الله في كل أمور حياتنا في وقت انتشر الظلم على جميع المستويات بدء بالمنظمات الدولية التي تكيل بمكيالين وهناك خمسة فقط (تاريخهم أسود في الظلم وما الحرب العالمية الثانية عنا ببعيد) يملكون حق النقض لكل شيء ولو كان عدلاً.
ولا ننسى إنْ نسينا، أكبر الأوثان ألا وهي الديمقراطية المفلسة من معايير العدل والظلم فما كان اليوم عدلا غداً يصير ظلما وما كان اليوم حقاً يتحول (عن طريق الدعاية المظللة ثم الصندوق) إلى باطل وهكذا، وخذ مثالاً بسيطاً: الفاحشة الكبرى، والرذيلة المنحطة، عمل قوم لوط المسمى تلطُّفاً (المثلية الجنسية) فقد كانت القوانين الديمقراطية تعاقب على هذه الرذيلة، وأصبحت اليوم نفس الديمقراطية تعاقب على من ينكرها، فضلاً عن محاربة أهلها ومنعهم من إفساد المجتمع.
فألله الله في التمسك بكتاب الله العليم الخبير الحكيم العدل ونبذ كل أنواع الظلم مهما كانت مسمياتها، وعلينا أنـ (نُحارب الظلمَ مهما كان طابعُهُ الْـــــ *** ــــبَرّاقُ أو كيفما كانت أساميهِ).
سالم محمد احمد