"منظمات غير حكومية أم قواعد للآخر ؟".


♦️سأحاولُ – باختصارٍ قدر الإمكان - تقديم صورةٍ عامةٍ للمنظماتِ غيرِ الحكومية، (الNGOs )، معتمداً على عددٍ من الأفكار والكلماتِ والمصطلحاتِ والجملِ المفتاحية، والتي وردت في كتابِ الدكتور Adel Samara  :

 

"منظمات غير حكومية أم قواعد للآخر ؟". 


(الكتابُ صادرٌ في عام 2003، ولكنَّ جوهرَه لا يزال راهناً ومهماً).


♦️علاقاتٌ صِراعِيَّة ♦️


إن الغربَ الرأسمالي، من حيث النشأة والتطور والبقاء، نظامٌ قامَ ونما وبقي، بامتصاص حياة الآخرين، بالمعنى الحرفيِّ والمجازيِّ لامتصاصِ الحياة؛ بدءاً من استغلالِ الأطفالِ والنساء، وطبعاً الرجال، ولساعاتٍ طويلة، وفي ظروفِ عملٍ في غايةِ السوء. مروراً بالاستعمار الشرس المرتبط بالقتلِ والتشريدِ ونهبِ الثروات، وترسيخِ التخلف. وصولاً إلى الحروبِ والهيمنةِ الناعمَيْن، والتي أخذت القوةُ فيها أشكالاً ثقافيةً واقتصاديةً وسياسية ...  الخ، تتصف بأنها غيرُ مباشرة، وغير خشنةٍ، مُمَوَّهَة، وخبيثة. للسيطرةِ على الآخرين بهدوءٍ ودهاءٍ وعمق. 


وهذه النعومة ليست جديدةً، ولكنها، ربما، تعمقت وزاد استخدامُها نتيجةً لتطوراتٍ تاريخيةٍ معينة، وكان أحد تجلياتها لاحقاً ل"تفكك محيط الاتحاد السوفياتي" ، ثم تفكك الدول القريبة منه، ثم تفكك الاتحاد السوفيتي نفسه، و مترافقاً مع "أزمة المديونية في العالم الثالث". هذا التجلي الذي لحق هذا التفكك، وترافق مع ازمةِ المديونية، كان على شكلِ المنظماتِ غير الحكومية( الNGOs)؛ فهذه المنظماتُ في الحقيقةِ – حتى في أصلها الغربي - أداةٌ للرأسماليةِ، أداةٌ للسيطرة على الشعوب، واختراقِ المجتمعات؛ ولكن، بشكلٍ ناعم.


 إنّ الرأسمالية لا قلبَ لها، فهي لا تهدف أبداً إلى تقويةِ مجتمعات العالم الثالث وتنميتِها، إنما، بالعكس، تريدُ السيطرةَ عليها.. ولضمان ذلك، لابد من ابقائِها ضعيفةً متخلفةً، وتابعة.


إننا كبشر – منذ نشأة هذا النظام الرأسمالي – نعاني من ظلمِ هذا النظام، ولا يمكن تصور علاقتِنا مع الرأسمال الا كعلاقةٍ صراعِيَّة، نسعى نحن من خلالها الى التحررِ والانطلاقِ والتنميةِ وتحقيقِ إنسانيتنا، فيما يسعى الرأسمال الى خنقنا واستعبادنا والسيطرة علينا، مرةً بخشونة، ومراتٍ بنعومةٍ ودهاء.


♦️الفردية ♦️


إذاً هذا صراع، وبالتحديد، هو صراعُ طبقات، فهناك - في عالمِ الرأسمالية- طبقةٌ/طبقات/فئات مهيمِنةٌ مسيطِرةٌ على الثرواتِ والدولةِ والسلطة، همّها هو مراكمةُ الثرواتِ ومضاعفتِها بطرقٍ مختلفة، وطبقاتٍ مقموعة، وفي هذا الصراع – وحسب التطورات – يتم استخدام أدوات متعددة ومختلفةِ الاشكال، تتراوح بين القوةِ والخشونة المفرطَتَين، وبين القوةِ الناعمةِ الملساء، والأخيرة أخطر بكثير. فهي مصمَّمَمَةٌ للاستيلاءِ على العقول، تتلاعب وتزيف، وتسحب المقموعين الى صفها، فيصبحون أدواتٍ بيدها. ويعملون ضدَّ مصالحِهِم، وضد مصالح بلادهم!. 


وطبعاً، لكي تتمكن من ذلك فلا بد من الاستفرادِ بالمقموعين، لا بد من تشتيتهم وتفريقِهم كطبقة، لا بد من تزييفِ وعيهِم، و القضاء على شعورهِم بأنفسهم، كفئةٍ اجتماعيةٍ مقموعة- يجب أن تعمل معاً ضد الطبقة القامعة- وإنتاج أفراد تسيطر عليهم "فردانيتهم"، لا يهمهم ما الذي يجري لهم كجماعة، كطبقة، بل إنهم، في المحصلة، سيعملون ضد طبقتهم ذاتها!.


هكذا تحاول الطبقةُ/الطبقات المهيمنةُ القضاءَ على العملِ الجماعي المُنَظَّم، - الطبقي، الشامل، والواعي- وتؤسس لعمل فرداني مُشتَت مُجزَأ، وتحاول أيضاً القضاءَ على الأفكارِ والقيمِ المرتبطةِ بهذا العملِ الجماعي المنظَّم، والواعي. 


والمنظمات غير الحكومية، التي يتواصل مؤسسوها- كأفراد – مع الغرب الرأسمالي، بطريقة غير مباشرة، بواسطة المنظمات غير الحكومية الغربية، جزءٌ من هذه المحاولات . وهي جزءٌ أساسي، وخطير .


♦️المنظماتُ الأهليةُ المحلية، والمنظماتُ غير الحكومية♦️


خطير لأن العملَ الجماعي المنظم، ك العمل الحزبي والنقابي والتعاوني ، نبت من أرضنا –كعربٍ وكعالمٍ ثالث- و لذلك يعبر هذا العمل عن همومِنا، وتحديداً، عن هموم الطبقات والفئات المظلومة، في سياقِ صراع هؤلاء المظلومين ضد عدوين : خارجيٍّ غربيٍّ إمبريالي، وداخليٍّ متواطيء مع الخارج . لذا؛ فهذه المؤسسات طبقية اجتماعية سياسية جماعية وطنية، بينما الأخرى - المنظمات غير الحكومية- فردية "مُتَغربِنَة"، من حيث الأسس والغايات، هي ضد الوطن والجماعة، ومع الغرب الامبريالي، إنها منفذة للأجنداتِ الخارجية.


♦️بُنيَةٌ ثالثة، أداةُ تسلُّلٍ واختراق ♦️


ان هذه المنظمات غير الحكومية، عبارةٌ عن "بُنيَةٍ ثالثة"، فلا هي تابعةللدولة، ولا هي ناتجةٌ عن همٍّ طبقيٍّ وطنيٍّ جماعي، إنها إذاً، "اداة تسلّل" و "اختراق" للطبقات الشعبية، أداةٌ بيد الرأسمالية، خاصة المعولَمة.


ورغم أن هذه المنظمات غير تابعة للدولة في العالم الثالث، لكنها تنسجم معها تماماً في الارتباطاتِ والاهدافِ الكبرى، وتختلف في الأساليبِ فقط .بل إنّ هذه المنظمات "وضعت نفسها في تحالفاتٍ مع الطبقاتِ الكومبرادوريةِ الحاكمةِ في بلدانِ العالم الثالث" ... إن المنظمات غير الحكومية "بمثابة كمبرادور ثقافي تُدخِلُ نفسها في تحالفٍ مع الكمبرادور السياسي...".


♦️خلخلةُ النسيجِ الاجتماعيِّ و غَربَنَةِ ثقافةِ المجتمع♦️


بناءً على ما تقدم : 

▫️إن علاقتنا بالغربِ الرأسمالي علاقةٌ صِراعِية،

▫️إنَّ المنظمات غير الحكومية أداةٌ ناعمةٌ من أدوات هذا الصراع،

▫️وإنَّها تسعى لاختراقِ المجتمعات، "خاصة الطبقات الشعبية"،

▫️وإنها، إذاً، لاوطنية، ولا طبقية، ولا تعاونية.... 


بناءً على ذلك فلا يمكن أن تكون أهدافها ونتائج أعمالها الا تنفيذاً للأجنداتِ الغربية:


▫️فهي - مثلا-  منظماتٌ "خيريةٌ لا تنموية"، فحجمُ ميزانياتِها، وكميةُ الأموالِ التي تقدمها، وقيامُ المشاريع التي تدعمها على النمط الفردي والمحدود، لا التعاوني ولا المجتمعي، وعدم توجهها الى الفئات التي تدعي التوجه اليها - كفئات- وعدم متابعة تطور هذه المشاريع(التي فشلَ الكثير ُمنها)، وأحياناً عدم متابعة تسديد القروض.... الخ. كلُّ هذا يجعل التنمية على يد هذه المنظمات مستحيلة؛ خاصة أنها مرتبطة بالبنك الدولي، والبنك الدولي "مؤسسة مضادة للتنمية"،  و قد دمر اقتصاديات الكثير من الدول، هذا فضلاً عن أنَّ المطلوب، غربياً، احتجاز تطورنا، وليس تنميتنا.


(حسب الدكتور عادل سمارة فإن التنميةَ في العالمِ الثالث لها طريقان : التنمية بالحمايةِ الشعبية، او بنظامٍ سياسي يمثل اكثريةَ المجتمع).


▫️ هذه الطبيعة "الخيرية"، "الخدماتية"، الفردية ،اللا تعاونية - التي تعمل بها هذه المنظمات-  مع الفسادِ فيها، أو في بعضها ، هذا كله ينشر الاتكالية، والسلبية، والتبعية ؛ إن هذا "يعمق ثقافة بطاقة-كرت المؤن التي سادت ولا تزال أوساط الشعب الفلسطيني "، يقول سمارة، ويضيف:


" إن متَلَقِي الخدمة هو طرفٌ سالب، ضعيف، مكسورُ النفسية، لا يجرؤ على النقد، ولا يحقُّ له النقد ..." ، "إنه شخصٌ يسهل التحكم به وتوجيهه، لصالح – او هكذا يُقصَد- من يقدم له الخدمات". وهذه عملية "تجنيد سياسي" .


▫️كما أن هذه المنظمات تحسن صورةَ الدولِ التي تقدم المساعدات ، تسميها " الدولَ المانِحَة" ، وهي في الحقيقة "دولٌ عدوة"، وهذا تجميلٌ للعدو. وهذا يقودنا الى التالي :


▫️ "غَربَنة ثقافة المجتمع" لكي يصبح مجتمعاً استهلاكياً، ولكي يؤمن بإيديولوجيا السوق؛ "إنهم يفسدون المجتمع من الأسفل"، فيما تفسده الدولُ من الأعلى؛ ان معظم أنشطتهم ثقافية خدماتية وليست تنموية مجتمعية .


♦️ النخب المتغربِنَة ♦️


هناك حالة/ظاهرة تلفت انتباهي منذ سنوات، وأفكر من حينٍ لآخرَ فيها محاولاً تفسيرها، ظاهرةٌ ربما تكون فريدة، نحياها هنا ، في العالمِ العربي عامةً، وفي فلسطينَ خاصة، حالةٌ من خصائصها ومظاهرها : 


▫️الانبطاح، 

▫️غياب الاهتمام بالشأن العام الى حد كبير،

▫️التعايش مع العدو بأريحية (التعامل معه تجارياً، العمل في مستوطناتِه، شراءُ منتوجاتِه، وصولاً الى عقد اتفاقيات معه)،

▫️ثم العيش، كفلسطينيين، عموماً، وكأننا نحيا في دولةٍ مستقلةٍ، عادية، طبيعية، نعيش وكأننا شعبٌ تحررت أرضه، نسينا هدف التحرير، ودُخنا من دوامةٍ الاستهلاك، ودفعنا ثمنها غالياً : دفعنا ثمن حياتنا الاستهلاكية، بالاندماج في عمليةِ تسويةٍ تخلينا فيها عن أراضينا، وعن اللاجئين، وعن القدس، واعترفنا بموجبها بإسرائيل، وتعاطينا معها كأنها كيانٌ طبيعي.

▫️أدمنّا مشاهدة الجثث والخراب بشكل غريب، كنا إذا استُشهِدَ إنسانٌ في بلدنا يدخل الحزنَ الى كلِّ قلبٍ في البلد، وكأنَّ الشهيدَ ابننا جميعاً ... أما اليوم، فنعيش بالطول والعرض – أو هكذا نظن – مهما حدث ...


 بكلمة :


لقد حدث انقلاب جذري في تفكيرنا وسلوكنا، في شخصيتنا كأفراد، وكجماعة...


 ولم أستطع فهم هذا التغير، فهماً أولياً عاماً، الا بعد قراءة كتابين :


 "التطبيع يسري في دمك" ، وهذا الكتاب : "منظمات غير حكومية أم قواعد للآخر؟"، وكلاهما للدكتور سمارة. في هذين الكتابين ندرك أن هناك عمل – عالمي ومحلي – عمل منهجي، ومخطَّط ، وطويل، ومستمر، هذا العمل يستهدف وعي الناس، وشراء ذممهم، و"استدخال الهزيمة" إلى نفوسهم، وتطبيع ما هو غير طبيعي في حياتهم.


طبعا هذان الكتابان يصلحان كمدخل لفهم هذه الظاهرة؛ فهي ظاهرة معقدة مرتبطة بالبعدين المحلي والعالمي، وبالأوضاع الاقتصادية الداخلية والخارجية، وبالجوانب النفسية والاجتماعية ... الخ.


ولعل أسس فهم هذه الظاهرة، ونجاحها الى حد كبير، ممكن في ضوء المتغيرات والأحداث التالية :


▫️تفكُّك محيط الاتحاد السوفياتي ثم انهياره.

▫️اتخاذ اجراءاتٍ وسن قوانينَ واجتراح سياساتٍ والترويج لأفكار وفلسفات، تضمن القضاء على اليسارِ الجذري بنعومة وخبث، وتمتص نقمة الشعوب على الرأسمالية، بتجميلها، وادعاء امكانية اصلاحها، أو أنسنتها.

▫️و ظهور المنظماتُ غير الحكومية، وهي مرتبطةٌ تاريخياً بتفكك الاتحاد السوفياتي، وبالسياسات الناعمة للرأسمالية، تحديدا الرأسمالية المعولَمَة، وبأزمة المديونية في الثمانينات، كما بينا.

▫️هزيمة حزيران 1967، ثم القضاء على المشروع الناصري بالتحالفِ- أساسا-  بين النظام الساداتي والنظام السعودي، والشروع في مشروعٍ انقلابيٍّ مضادٍّ، يضع الاسلامُ في مواجهةٍ -مُصْطَنَعَة وكاذبة- مع القوميةِ العربيةِ والاشتراكية، فراجَ – بفعلِ الدعايةِ والمال – الفكرُ السلفي، وقَوِي الاسلامُ السياسي، وتم استخدام هذا الفكر، وهذه الحركات المتأسلِمَة- لا المسلمة- في خدمةِ الأجنداتِ الغربية، فخدمته اقتصادياً وسياسيا، وحتى عسكرياً وأمنيا، في حروبٍ دفعنا ثمنها من دمِ شبابِنا في افغانستان وغيرها.

▫️انهيارُ العراق بعد حصارٍ اجراميٍّ قاتل، وحربٍ ضروس .

▫️ارتباطُ اليمين الفلسطيني- المسيطِر على م . ت . ف-  بالرجعيةِ الخليجية، وتمهيده( فكرياً وسياسياً وأمنياً وعسكريا) للانخراطِ في عمليةِ التسوية. وهذا ما كشفته بالتفصيلِ مؤلفاتٍ صادرةٍ حديثاً.


▫️كل ما سبق ربما يكون في غايةِ الأهمية، والخطورة، في فهمنا للظاهرةِ التي وصفناها اعلاه، لكن هذه الأهمية والخطورة لا شك تغذت على ضعفٍ و"هشاشةٍ" في عالمِنا العربي، والثالث عموما:


" فكلما كانت مجتمعاتٌ معينةٌ هشة ثقافياً وسياسياً وديمقراطياً وصناعياً، وعلى صعيد علاقة النوع(الجندر)، كلما تمكن الأجنبيُّ من اختراقها بشروطِه وثقافتِه وأهدافه" .


♦️دورٌ الحركةِ الوطنيةِ في استفحالِ المنظماتِ غيرِ الحكومية ♦️


ومن العواملِ التي تساعدنا في فهم الظاهرة: 


دراسة "دور الحركة الوطنية في استفحال المنظمات غير الحكومية".


نعم، فحسب سمارة لعبت هذه الحركة دوراً مهماً في استفحالِ المنظماتِ غير الحكومية، وبالتالي في انتاجِ الحالة/الظاهرة التي وصفناها، وهذا مؤسفٌ، وغريبب؛ فنحن نفهم دور َالدولةِ في العالم العربي، والثالث عموما، في الانبطاحِ والتسويةِ وترويضِ الشعوب، لكن أن تساهم الحركةُ الوطنية في ذلك، فهذا لعمري أمر عجيب، ومخيف، وخطير . فلنوضح :


▫️تحدث الدكتور سمارة عن" سباقِ الفصائل (الفلسطينية) لكسب الولاء مبكرا... " وعن "تسخير المال لشراء الذمم "، و "شراء المثقفين" 

▫️... وعن كيفيةِ استغلالِ السفاراتِ والقنصلياتِ الأجنبيةِ لهذا السباق والشراء؛ فأخذت " ترمي في طريق[ المثقفين المتغربنين ] بالمنظمات غير الحكومية ... التي لم يكن أمرُها معروفاً، لا محلياً ولا عربياً ولا دوليا" .

 لقد عبَّدَت الفصائلُ الفلسطينية- برأي سمارة-  الطريق أمام هؤلاء المثقفين والاكاديميين "ليستقبلوا العرض الرأسمالي بشغف" . 

▫️كما يرى الدكتور عادل سمارة أن "التخلفَ الثقافي، ضعف المستوى الفكري، ضعف الانتاج النظري، في الأحزابِ السياسية المحلية" لعبَ دوراً "في هيمنةِ الثقافة الرأسمالية الغربية على المتعلمين المحليين ... " ... ويضيف : 

" أنَّ التقصير المحلي، ولا سيما لدى الحركات السياسية، في انتاجِ اطروحاتٍ، وتحليلٍ، للمرحلةِ والمجتمع، هو العاملُ الحاسم الذي لم يحول قراءتنا للفكر الى قراءة حوار ونقد ... " .

▫️كما أن "غيابَ العلاقةِ الديمقراطيةِ داخلَ الحزبِ السياسي في التجربةِ العربية ومنها الفلسطينية، قد دفع كثيراً من المثقفينَ للإعجابِ بالفكر السياسي الليبرالي الغربي " .

▫️أما "قوى الاسلام السياسي" فان الجانبَ الاجتماعي، خاصة موقفها من المرأة " قد فتح طريقاً عريضا لغيرِ الحكوميين لاستقطاب قطاعاتٍ واسعة" من المتعلمات؛ فما بين الانخداع "بالثقافةِ اللبرالية الرأسمالية الغربية، وغياب قوة الدفع الثقافي العلماني المحلي ... وبين الطرح الذكوريِّ والسلفيّ للإسلام السياسي، وجدت الكثيرُ من النساء في اطروحات المنظمات غير الحكومية ... واحةً ديمقراطية"... 


♦️الكشف الفردي ... ♦️


يختم الدكتور عادل سمارة كتابَه بتقديمِ خلاصةٍ لتجربتِه الخاصةِ مع المنظماتِ الدوليةِ، وغير الحكومية، وهي تجربةٌ انسانيةٌ مؤلمةٌ وذات دلالة؛ فما بين غياب "الحزب المُعَلِّم"، وحتى "المعلم[الفرد]الكبير" ، وبين شراسةِ الغرب الامبريالي متجسدا في أثره المخيف على المجتمع الفلسطيني بمؤسساته حتى الأكاديمية، اضطر الدكتور سمارة للتعلم ذاتيا، و الى العملِ في مجالاتٍ متعددة (في بريطانيا وفلسطين) كمزارعٍ يربي الدواجن، وغيرها من الأعمال، ليستطيع اكمالَ تعليمه العالي، وليحيا بكرامةٍ متمسكاً بمبادئه، ولو باعها لربما اغتنى كما اغتنت الكثير من القيادات والمثقفين والأكاديميين !. ... لكن الرجل ابى، وثبت،  فلم تقبل به الجامعات، و استقال من المؤسسات التي اكتشف فسادها وتبعيتها في موقفٍ نضاليٍّ مقاوِ مٍ مشرِّف، وقف موقفاً صلباً أمام من يريدوننا جهلةً وممزقين، أو متعلمين مُتَغَربِنيين، على حد وصف الدكتور سمارة .

--------

⚠️ختاماً، فإن ما سبق قد يكون عرضاً ،بطريقةٍ مختلفة، لكتاب الدكتور عادل سمارة: "منظمات غير حكومية أم قواعد للآخر ؟"، نقول مختلفاً لأننا لم نعمد الى عرض الكتاب عرضاً تقليدياً، بل استخدمنا فيه أفكار الدكتور عادل و مصطلحاته وجمله بشكل اساسي، وصنعنا منها عناوينا، وحاولنا الربط بينها بوضع لمساتنا على الموضوع لضمان ترابط الأفكار وتسلسلها .

إجمالا كل ما بين الاقواس المزدوجة من كلام الدكتور سماره. ونعتذر إذا اقتبسنا عنه حرفيا بدون توثيق وتنصيص. لكن في النهاية حتى كلامنا وأفكارنا، في معظمها، كانت من وحي كتابِه وافكارِه. وما يهمنا على كل الأحوال هو ان يكون مقالاً مفيداً، فالموضوع الذي تطرق اليه الاستاذ عادل سمارة خطير، وقد ازداد خطورةً منذ عقدين، منذ كتب كتابه هذا. 


اعتذر عن اي خطأ في الفهم او العرض او الاقتباس، وشاكر، سلفا، لأي مداخلة او تصحيح او اضافة او نقد .


#مقالاتي_علاء_هلال 

#خواطري_علاء_هلال