سؤال الموضوعية:

-لطالما طرح السؤال حول أفضلية العلوم التجريبية عن نضيرتها الانسانية ؟وعن موضوعية و علمية هذه العلوم الانسانية ؟و لطالما ثم التسائل عن كون عالم العلوم التجريبية هو العالم الحق اللذي يتباذر للذهن عند النطق بالكلمة "عالم" .

-بيد أن الأمر كان مختلفا فيما سبق فلم تكن لهذه العلوم التجريبية تلك الأهمية التي تكتسبها و تتمتع بها اليوم فقد كان الاغريق يعتبرون أن العمل الفكري المجرد أفضل و أرقى و أسمى  من العمل اليدوي و المادي والطبيعي و كان هذا اختصاص العبيد لا الأحرار.

روح العصر:

-لا شك أن روح العصر هي العلوم التجريبية فهي التي سهلت الحياة و قربت المسافات و عززت رفاهية الانسان ...و زادت من فاعلية الأسلحة و قدرتها التدميرية كذلك (وهذا جانب يغفل عنه كثير من عباد صنم العلم التجريبي).

 كل هذا لم يكن ليكون لولا هذه العلوم اللتي أحدث طفرة في الحياة الانسانية في القرنين السابقين و كل هذا كان له تأثير كبير على الوعي كذلك.

لكن  هذا لا ينبغي أن يكون على حساب العلوم الانسانية مما سيؤدي لتهميشها و الانتقاص منها لمجرد كونها غير مادية (في المجمل).

الظاهرة الانسانية:

-الظاهرة الانسانية في تعقيدها و تشابكها تتعالى على المناهج التجريبية و تحتاج لمناهج مختلفة ذات منطلقات وأسس مختلفة .

 و قد يصعب التنبأ بنتائج هذه الضاهرة الانسانية لكون الانسان جزء منها  فمثلا علم الاقتصاد اللذي لا يعتبر علما تجريبيا في جزء واسع منه لا يمكن التنبأ بمخرجاته لسبب سبق ذكره فالعقلانية في السلوك الاقتصادي التي اعتبرها المنظرون الرأسماليون الأوائل ثبت عدم صحتها"كساد 1929 " فقد كانت متفائلة أكثر من الازم مما حتم بديلا أكثر واقعية تجلى في أطروحات كينز.

التطور الفكري:

التطور الفكري كذلك من أهم أسباب هذا التهميش, فكما هو معروف لدى المطلعين على تطور الفكر الغربي انطلق الفكر الغربي من مركزية الاله في القرون الوسطى الى مركزية الانسان في عصر النهضة (الذي لم يشهد ثورات فلسفية أو ظهور لتيارات  فلسفية كبرى انما مجرد عودة للتراث الأوروبي الاغريقي منه و الروماني ) لكن سرعان ما تم تهميش هذا الانسان  و المرحلة الثالتة من هذا التطور الفكري هو مركزية و تقديس المادة و جعلها هي الحقيقة الموضوعية الوحيدة و انكار أي وجود لحقيقة متجاوزة لهذه المادة المحسوسة .

وبالتالي انطلقت العلوم  من دراسة ضاهرة الانسان و محاولة تفسيرها الى دراسة هذه المادة و فهمها , مما أدى الى سقوط هذا الانسان في هوة العدم و العبث باعتباره هو نفسه محصور في اطار هذه المادة .

الخلاصة:

يمكن القول أن أن الحل يكمن في التكامل بين العلوم التجريبية و الانسانية فلكل منهما مميزات تغيب لدى الاخرى فقوة العلوم الانسانية تكمن في كونها تدرس ظواهر لها جانبين مادي و غير مادي في حين أن العلوم التجريبية تدرس ظواهر مادية محضة و قوتها في منهجها التجريبي و نتائجه "القطعية".


لكن اعتبار الحس و العلوم التجريبية المصدر الوحيد للمعرفة الموثوقة لهو من الغلط اد يمكن التشكيك في الحس كمصدر للمعرفة, لدى ينبغي خلق توازن بين هذه المصادر العقلية و الحسية.