-يخطئ الكثير من طلبة العلم الشرعي من المشتغلين بالدعوة و المهتمين بالشأن الفكري عموما عندما لا يقرأون و يطلعون على التاريخ الغربي و يقتصرون على كتب التاريخ الاسلامي التي لا تتطرق في الغالب الى احوال ذلك القطر من الكوكب ولا تهتم به ولأننا نوجد في عالم يهيمن عليه الغرب وتهيمن فيه الافكار والقيم الغربية الفاسد أغلبها وجب دراسة تاريخ القوم دراسة فاحصة تقوم على منهج تاريخي ,موضوعي و متزن يتعلم فيها المسلم نشأة أفكار الغرب الفاسدة ومسبباتها ويقر في هذا التاريخ ما هو اهل للاقرار و ينكر فيه ما هو أهل للانكار وهنا بعض أهم ما يستفاد من دراسة التاريخ الغربي.
-فهم أصول الأفكار:
كما هو معروف فان أغلب المؤرخين يقرون بأن تاريخ العالم منذ عصر النهضة الى يوم الناس هذا ما هو الا امتداد لافكار و صراعات نشأت في الغرب .
ولذلك فان فهم افكار هذا الاخر الغربي واستيعابها أحسن استيعاب, استيعاب يظهر به فسادها و صغرها أمام المنظومة الاسلامية و لا يكون هذا الا من خلال الدراسة التاريخية لهذه الافكار دراسة لنشأتها ولتطورها ولمسبباتها فعلى سبيل المثال لا يمكننا فهم فكره العلمانية الا من خلال فهم نشاتها في السياق والسردية التاريخية الغربية .
-وذلك من خلال فهم تأثير الكنيسة على المجتمع الغربي وفسادها ومحاربتها للعلم والعلماء وكذلك من خلال التأريخ لمجموعه من النظريات العلمية التي كان لها بالغ الاثر في تشكيل نظرة الانسان الغربي للدين كنظرية كوبرنيكوس ونظرية نيوتن ونظرية داروين ونحن ندرك ان فهم العالمانية لا يكون الا بدراسة المسيحيه نفسها والتداخل فيها بين الروح والجسد وبين الروح والعالم لا من خلال دراسه التاريخ الغربي فقط من هنا تتبين ضرورة دراسة التاريخ الغربي لكل مهتم بنقد هذه الافكار الغربيه الفاسدة هذه ينطبق على باقي المنظومات الفكريه الغربيه الاخرى كالليبرالية والاشتراكية والقومية و كلها لها ارتباط بالتطور التاريخي للعلمانية.
-التجربة التاريخية المجردة:
-كما يقول كارل ماركس فان "من لا يقرأ التاريخ محكوم عليه بتكراره" فالله عز وجل "الذي لا يؤمن به ماركس هذا" له سنن في هذه العالم تتكرر يدركها ويستوعبها اللبيب ويغفل عنها المستغرق في الحاضر المعاش والواقع فمن يريد استنباط و استخراج هذه السنن وفهم الواقع فهما عميقا(فليس واقعنا الى نتاج للتاريخ) و من يريد استشراف المستقبل وتوقع ما قد يحدث وجب عليه دراسة وقراءة التاريخ, والتاريخ اوروبي ليس كله مفاسد وأخطاء احقاقا للحق ففيه من العبر ما ينبغي ان نستفيد منه نحن كمسلمين فالحكمة ضالة المؤمن وهو أحق بها ففيه ما ينبغي على المسلمين تكراره و فيه عكس ذلك.
-لكن ما يقوم به الحداثيين اليوم من علمانيين ولبراليين وأمثالهم من استغراق في هذا التاريخ الغربي ورغبة في تكراره في دول الاسلام لهو من الغرابة و الغباوة بمكان فلكل شعب من الشعوب أو كتلة بشرية معينة سردية تاريخيه تسير فيها ولا تحيد عنها فسردية الغرب انتهت به الى ما هو معروف من قطيعة مع الدين ومحاربة له باعتبار أن المسيحية هي الدين كله في الوجدان و الفهم الغربي فبنقدها ينقد الدين ككل فكيف لك أن تفرض هكذا أفكار ومفاهيم على مسلم لم يعرف لا كهنوتا و لا صكوك غفران و تطرحها على انها حقائق كونية مطلقة!?.
-كشف عورات الغرب:
-كذلك من أهم الدواعي لدراسة تاريخ القوم هو كشف عورات تاريخهم وكشف تناقضاتهم ونفاقهم من خلال المقارنة بين شعارات هذا الغربي الداعيه لحقوق الانسان وللكرامه الانسانيه وما قام به هذا الغربي نفسه من جرائم يطول الحديث عنها بدأ من تجارة العبيد في الاطلسي الى جرائم اسبانيا في امريكا اللاتينية وما قام به مستكشفوها من مجازر وابادة للسكان الاصليين وليس انتهاء بجرائم الاستعمار الغربي الذي لم تنجو منه الا بعض بلدان المعمورة وكما قلنا فجرائم الغرب كثيرة يصعب الاحاطة بها لكثرتها وهي من اهم ما يمكن الرد به على الغربيين و طلابهم في المشرق .
-ثمرة التاريخ:
-ان الله عز وجل عندما يقص القصص في كتابه لا يبتغي في ذلك جل جلاله متعة القارئ المجردة-حاشا الله- بل لكل قصة من هذه القصص حكمة وعبرة وثمرة ينبغي استنباطها واستخراجها واقتناصها لا الاغفال عنها واهمالها ومن هذه العبر والثمرات ما يمكن استخلاصه من قصه فرعون وموسى وهي ان دعاء الالوهية سواء كان بشكل مباشر او غير مباشر لهو من اكبر الدلائل على قرب نهايه الطاغية والطغيان سواء تمثل في شخص فرد كفرعون أو في جماعه او في دولة (وهذا من استنبطات وتاملات الشيخ فريد الانصاري رحمه الله).