تنبيه على رسالة منتشرة في فضل شهر شعبان:

يتناقل الإخوة الكرام رسالة في فضل شهر شعبان وفيها:

"شهــــــــر شعبان


🍃قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله 🍃


كان المسلمون اذا دخل شهر شعبان اكبوا على المصاحف وأخرجوا الزكاة

📚فتح الباري ٣١٠/٣١١/١٣”.

🍃ماذا كان يصنع السلف في شعبان🍃


🌸 قال سلمة بن كهيل : كان يقال شهر شعبان شهر القراء


🌸و كان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان

قال : هذا شهر القراء


🌸وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته و تفرغ لقراءة القرآن.


📚لطائف المعارف 138"


وعلى هذا النقل ملحوظتان:

الأولى: نسبة هذا القول للحافظ ابن حجر توهم أنه القائل له، وليس كذلك كما ستراه، ويوهم هذا أنه كان هذا على زمانه، أو أنه كان من الزمان الأول إلى زمانه، فكأن الناس تواتروا على أفضلية إخراج الزكاة في شعبان، والحافظ ابن حجر رحمه الله كانت وفاته رحمه الله أواخر ذي الحجة 852 هـ، فلو كان هذا على زمانه لم يكن في أهل زمانه حجة على أفضلية الزكاة في شعبان.

الثانية: أن اختصار كاتب الرسالة أوقع في هذا الوهم، فنص ابن حجر رحمه الله كما في الفتح (13/310)، كما يلي:

"[7338] قَوْلُهُ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الصَّحَابِيُّ الْمَعْرُوفُ وَتَقَدَّمَ لَهُ الحَدِيث التَّاسِع قَوْلُهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطِيبًا عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا اقْتَصَرَ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ ... ".

إلى أن قال (13/310-311):

"وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَزَادَ فِيهِ يَقُولُ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّهِ الْحَدِيثَ وَهُوَ فِي أَوَاخِرِ الرُّبْعِ الرَّابِعِ مِنْهُ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ أَرَادَ شَهْرَ رَمَضَانَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَجَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ قُلْتُ وَقَعَ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ فِي جُزْءِ الْفَلَكِيِّ بِلَفْظِ كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ أَكَبُّوا عَلَى الْمَصَاحِفِ وَأَخْرَجُوا الزَّكَاةَ وَدَعَا الْوُلَاةُ أهل السجون الحَدِيث مَوْقُوف".

فالحكاية عن ابن حجر في الرسالة المنتشرة غير دقيقة, فهو حديث ضعيف موقوف على أنس رضي الله عنه، فلا تثبت فضيلة للزكاة في شهر شعبان بمثله، وسبقه نقل لحديث خطبة عثمان رضي الله عنه الذي فيه ذكر شهر الزكاة، ولم يثبت في رواية أبي عبيد عن الصحابي السائب بن يزيد رضي الله عنه هذا الشهر، غير ما ذكره بعض رواة الحديث أنه شهر رمضان، ونقل ابن حجر عن أبي عبيد أنه جاء من وجه آخر أنه شهر الله المحرم، والإجمال الذي ورد في تلك الرسالة ضيع كل هذا، والزكاة كما هو معلوم في أحكامها وشروطها أنه ينبغي أن يمر على ما بلغ النصاب فيها حول، فكل نصاب وحوله، وعلى هذا فالزكاة تكون سائر العام بحسب حول كل ما فيه زكاة مما يبلغ نصابا.

والعجب من صاحب هذه الرسالة كيف أنه نقل بعد هذا الكلام الذي نسبه لابن حجر عن ابن رجب آثارا في فضل الانكباب على المصحف في شهر شعبان عن السلف، وقد ذكر ابن رجب في لطائف المعارف هذا الأثر الضعيف عن أنس قبل منقول صاحب الرسالة مباشرة وبين الحكم فيه صراحة، فكيف غفل عنه ولم يلتفت إليه؟ ففي لطائف المعارف (1/135):

"روينا بإسناد ضعيف عن أنس قال: كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرؤها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان وقال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن".

فهذا ابن رجب رحمه الله نص على ضعف الرواية عن أنس رضي الله عنه لئلا يقول قائل إن إخراج الزكاة سنة مستحبة كان يفعلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولعل كاتب الرسالة أراد الاختصار لكراهية الناس للرسائل الطوال، ومع هذا، فالحذر من أسالي الإجمال هذه التي قد تؤدي إلى هذه الأوهام أو أكبر منها، والله أعلم