الحمد لله الذي فضل بعضاً على بعض  ورفع بعضاً على آخرين، وقال في كتابه[انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا]، فله الحمد كله[ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ] والصلاة والسلام على سيد ولد آدم ، خير البريات, وأزكى أهل الأرض والسماوات، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد:

فهذه بعض الهدايات والإشارات من قول رب البريات [وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ]، نسأل الله أن يثقل بها ميزان الحسنات، ويرفع بها الدرجات في أعلى الجنات، وأن يجعل لنا نصيب من هذه الرفعة، فمن تلكم الهاديات والإشارات:

  • طريق الدخول الى الإسلام :معلوم أنه للدخول في الإسلام لابد من النطق بالشهادتين أي شهادة أن لا إله الله وأن محمداً رسول صلى الله عليه وسلم، فهذا من أعظم مظاهر الرفعة.
  • رفع الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجعله الأفضل؛ فأفضل البشر الأنبياء، وأفضل الأنبياء أولو العزم وهم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ) عليهم الصلاة والسلام، وأفضل الخمسة الخليلان: إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة السلام، وأفضلهما محمد صلى الله عليه وسلم، فهو كما قال (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلَا فَخْر).
  • جاء في الحديث المشهور قوله صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني دخل الجنة)، فلا سبيل لأحد لدخول الجنة من هذه الأمة إلا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، واتباع سنته، ولقد قال عليه الصلاة والسلام(فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فسبيل الفلاح في الدنيا والنجاح في الآخرة بالنسبة لهذه الأمة متوقف على السير على خطا النبي المصطفى، مَن رفع الله ذكره، وأعلى شأنه وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره.
  • ان الله سبحانه وتعالى سيسأل هذه الأمة عن نبيها (وأنتم ستسألون عني ، فما أنتم قائلون ؟)، فمن علو شأن النبي صلى الله عليه وسلم، أن الله سائلنا عن اتِّباعه وطاعته ونصرته.
  • ذكر الله سبحانه وتعالى أنه هو وملائكته يصلون على النبي، ثم أمر عباده بالصلاة عليه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، فتشرع الصلاة على النبي في كل الأوقات والأماكن، ولكن تتأكد : بعد إجابة المؤذن، بعد التشهد في الصلاة، ضمن أذكار الصباح والمساء، وفي صلاة الجنازة وغيرها من المواضع الموجودة في مضانها لمن أراد التوسع، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أمرها عظيم؛ فقد ذكر ابن القيم تسعاً وثلاثين فائدة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه (جلاء الأفهام في فضل الصلاة على خير الأنام).
  • لقد رفع الله سبحانه وتعالى شأن نبينا؛ حتى أنه يجب تقديم أمره ومحبته على النفس والأهل وجميع الخلائق لما جاء في الحديث:(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)، فجميع الناس منزلتهم أدنى ومكانتهم أقل من المنزلة المحمدية.
  • ومن تكريم ورفعة الله سبحانه وتعالى لنبيه أنه سبحانه لم يقسم بحياة أحد من الخلق إلا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله(لَعَمْرك لَفِي سَكْرَتهمْ يَعْمَهُونَ)، والله سبحانه لا يقسم بشيء إلا لرفعته وعظمته.
  • ان الله (الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) قرن بين اسمه سبحانه واسم نبيه فقد أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس (ورفعنا لك ذكرك) قال: لا يذكر الله إلا ذكرت معه )، وهذا في مواضع كثيرة وفي مقامات عليَّة كقوله تعالى في مقام الطاعة (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ )، وفي مقام الاستجابة والانقياد (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)، وحول التشريع (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)، كما نهى الله سبحانه عن التقدم بين يدي الله ثم قرنه برسوله(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) وغيرها من المواضع الكثيرة.

وختاماً هذه فقط بعض الإشارات في رفعة الله تعالى لنبيه ولا ننسى أن هذه الرفعة واسعة فتشمل أتباع محمد صلى الله عليه وسلم فكلما كان المسلم اكثر اتباعاً وطاعة وتمسكاً بسنته كلما رفعه الله،, فالرفعة سابغة في الدنيا والآخرة على من اتبع هديه، كما أنَّ الله قد جعل الذل والصغار على من خالف أمره كما في الحديث (وجُعِلَ الذلُّ والصغارُ على مَن خالف أمرِي).


[email protected]