أجزم بأنك قبل قراءتك لهذه الأحرف مرّت بك العديد من عناوين الدورات والمقالات واللتي تتحدث عن القراءة وفروعها وآلياتها وثمارها وطرقها! (دورة متعة القراءة، فنّ القراءة، القراءة الناضجة، القراءة السريعة، مفاهيم القراءة،.القراءة كــسلوك .... )
والعجيب أن المحتوى لا يختلف في دورة عن أخرى، الاختلاف الوحيد هو العنوان ومكان إقامة الدورة فقط. وأحيانًا: الملقي!
نحن مصابون بداء الحديث عن الأشياء اللتي نفعلها أكثر من فعلنا للأشياء ذاتها;
نتحدث عن السفر أكثر من سفراتنا نفسها، وعن القراءة أكثر من ساعات جلوسنا للقراءة، وعن كل شيء نفعله، حديثنا عنه سيكون أكبر من الفعل نفسه.
كنت في حديث جانبي مع أحد مقدمي الدورات ومدربي القراءة، وفي منتصف الحديث ذكر بعفوية أنه في كثير من فترات السنة يستغرق جلّ يومه في إلقاء الدورات باختلاف المتلقّين والعناوين، هل أنا الوحيد اللذي يعتبر هذه الحقيقة من أكبر وجوه التناقض؟ تحدث الناس صبح مساء عن القراءة وأهميتها وأنت أقل الناس جلوسًا للقراءة؟
اقرأ لأجل القراءة ذاتها، لا لأجل أن تخبر الناس عن قراءتك.
لذلك أقول أن المجد للعاكفين في صوامعهم، لم يرفقوا صورًا لمكتباتهم بتغريدة، ولم يحاضروا عن أهمية القراءة، ولم يكتبوا عن ساعات جلوسهم في المكتبة، المجد للمثقفين لا تلهيهم الشهرة، ولا تستهويهم أعداد المتابعين، ولا رسائل الدعوة للمؤتمرات، المجد لكم وإن لم نعرفكم.
"ليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلّة، وفكر واسع، وملكة تقوى على الابتكار"