(لا صوت يعلو فوق صوت الحرب)، هذا هو العنوان الأبرز لكل وكالات الأنباء والقنوات والمواقع والحسابات الإخبارية، ومن يحب السياسة ومن لا يحبها، أصبح معظم العالم له في هذه الحرب ألف ناقة وجمل، إنه غزو روسيا لأوكرانيا، كلهم يخشون أن تكون شرارة لاندلاع حرب عالمية ثالثة، فالحرب العالمية الثانية قدر(عدد ضحاياها بأكثر من 60 مليون قتيل مثلوا في ذلك الوقت أكثر من 2.5% من إجمالي تعداد السكان العالمي)، وهي حرب علمانية بامتياز ، فما خلف الحروب -عادة -إلا المآسي والكوارث خصوصا إذا كان طرفا النزاع أحدهما أو كلاهما لا مرجعية أخلاقية له كالعلمانية مثلاً، فنحاول أن نقف هنا بعض الوقفات، والمشاركة ببعض الهمسات، في زمن كثرت فيه الأزمات:

  • البشر إذا لم يضبطوا بوحي رباني تخبَّطوا في دياجير الظلم والظلمات، فنحن نرى جبروت وطغيان بعضهم على بعض لمصالح دنيوية، وما الحربين العالميتين منا ببعيد . . ( وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)،  فالوحي الإلهي ضمان من الضلال ونجاة في المآل قال جل وعلا:(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى).
  • الحرب القائمة وقبلها حروب كثيرة سُفِكَ فيها الكثير من الدماء،  وخربت فيها الديار، وانتهكت الأعراض حروب علمانية، فاللذين يزعمون أن الأديان فقط سبب للحروب دجالون ، مع العلم أن كل الأديان اليوم باطلة ما عدا الإسلام (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، فالرحمة والعدل تنحصر في المنهج الرباني وكل من حاد عنه فقد ظلم نفسه وغبره بقدر بعده من منهج الله.
  • الإرهاب كلمة ألصقها أعداء الإسلام والمنافقون  بالإسلام والمسلمين لا سيما عند الحديث عن الجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينه، واليوم كل مَن عاداه أحد رماه بالإرهاب، فمن رموا المسلمين بالإرهاب يرميهم الآخرون به إذا اختلفت المصالح وحل الشقاق، العجيب أنه لا يريدون أن يحددوا ما هو الإرهاب ولا يضعون تعريفا موضوعياً  له لأنهم لو عرَّفوه لوجدوا أنفسهم أول الداخلين فيه.
  • هناك قاعدة فقهية جليلة وهي (ما بُنِيَ على باطل فهو باطل)، وتنطبق جيداً على مجلس الْعَفَن المسمى زورا وبهتانا بمجلس الأمن، لأن مهمته توفير الغطاء لكبار الظالمين واستعباد الشعوب المستضعفة، ولكن إذا كان التناحر بين أكابر مجرميها فيتحول مجلس الْعَفَن إلى فندق متعدد النجوم، لهو ولعب وتصويت هذا يؤيد وهذا يملك حق النقض وهلم جرا، فمجلس الأمن أُسِّسَ ابتداءً على الظلم، حيث أن أحد الكبار الظلمة الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية يحق له أن ينقض أي قرار حتى ولو خالف الجميع بل خالف معظم شعبه مع أنه ممثل للشعب ويمثل إرادته، سبحان الله، وصدق الله حيث يقول (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ) علما بأن هؤلاء الخمسة الكبار سفاحون  من الدرجة الأولى وسفكوا الدماء وخربوا المدن، في القديم وما زالوا  (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ)، فمن يبحث عن مثال واضح للظلم واستعباد القوي للضعيف فدونم مجلس الْعَفَن.
  • كل الاتهامات بالظلم  الموجهة اليوم لروسيا من قِبل الدول الغربية، كانت الدول الغربية غارقة فيها ولا تزال، وهذا ما يعرف بسياسة: الكيل بمكيالين، ونحن نعلم أن دولا كأمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا هي دول ظالمة معتدية ومحاربة للإسلام والمسلمين، لكن روسيا والصين أظلم وأطغى، والواقع والتاريخ خير شاهدين، فالحقيقة كلهم مجرمون ومعتدون لكن فقط يتنافسون على المقاعد الأولى.
  • (والذي نفسي بيده؛ لا يذهب الزمان حتى لا يدري القاتل فيما قَتَل ولا المقتول فيما قُتل) هكذا قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وهذا يظهر جليًّا في هذه الأزمنة المتأخرة، حيث هناك عدد هائل من الجنود مهمتهم الوحيدة تنفيذ أمر القائد الأعلى من دون مناقشة أو تردد ولو كان هذا القائد ظالما، أو غشوما أو اتخذ قرار في حالة سكر، عندها يضغط الجندي على زرٍّ نتيجته مئات القتلى الأبرياء، والقتلى لا يدرون لما قُتِلوا كما أن صاحب الزِّر لا يدري لم ضغط ليقتل هؤلاء، والنجاة من هذه الدوامة ما جاء في الشريعة الإسلامية عن خير البرية بقوله:(إنما الطاعة بالمعروف)، وقال أيضاً:(ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
  • التباكي اليوم على أشدة خوفا وقلقا على الشعب الأوكراني، ولو أنه كان مسلما في أغلبه لما تباكى عليه أحد بل سيتنادون إما للمشاركة في المجازر، أو التبرير لها، أو السكوت عنها، واحيانا تهوينها خصوصا إذا كانت فظيعة وما حصل في البوسنة والهرسك منك ببعيد، ففي الظاهر ضد المجازر وفي الباطن يطيرون فرحاً.
  • لن يعدم مجرم ومن يؤيده ذريعة مبررة لِظُلْمِه ولو كانت مجازر رهيبة، فنحن نعلم أن الدول الغربية لا سيما فرنسا وبريطانيا وحديثا أمريكا وروسيا، كلهم يختلق ذريعة مناسبة لاسْتَبَاحَتْ ديار المسلمين، نفس الشيء فعله السفاح بوتين لكن الدول الغربية أو ما يسمى المجتمع الدولي لم يقبل الذريعة كون أوكرانيا ليست بلدا مسلماً حتى يتغاضوا عنه، وقبل ذلك فعل السفاح بوش في أفغانستان والعراق في كذبه معروفه (أَفَلا تَذَكَّرُونَ).

أخير وليس بآخر هناك عبارة يرددها الكثير وهي (الإسلام هو الحل)، وهي عبارة صحيحة مائة بالمائة، قال تعالى:( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، ومن المستحيل اليوم تخطئة روسيا من منطلق ديمقراطي أو علماني أو لبرالي لأن هذه الضلالات ليس فيها ميزان للعدل والظلم، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال:( الناس لا يَفْصِل بينهم النزاع إلا كتابٌ مُنزَّل من السماء، وإذا رُدُّوا إلى عقولهم فلكلِّ واحدٍ منهم عقْل)