التطبيع

هو قوَّة شديدة يمارسها الزمن، على الدماغ البشري، ليتكيَّف مع واقعه، مهما قبح .. فأنت تعقد صفقة مُوافَقة مع كل ما يمر بك من مُزعِجات، فلا تعود تحس بها، تطبِّعها، تجعلها طبيعية، تتصالح معها.

و لكن ليس على الإنسان أن يتصالح مع كل شيء، هذا التكيُّف الجارف سيء في أحيان كثيرة، فالمشكلات يجب علاجها ما أمكن، لا مصالحتها، و إلا تكون مثل السرطان يكبر في نسيجك .. و مثل سارق أرضك يصير بقوة الزمن، و الضحك الرديء، و الورد المشبع بالدم، واقعًا طبيعيًا؟

تتقلَّب الأجيال، تتحوَّل الوقائع الى حكايا .. المشاهد و الدم، و الأرض، الى ثرثرات أجداد غابرين، هذه مأساة، تحصل بقوة الزمن على البشر الذين يرفضون بذل جهد في محاربة الزمن و أثره، فلا يعبرون به بقدر ما يعبر بهم.

من واجب هذه الأُمة أن تُحارِب التطبيع مع أمراضها، و مشكلاتها، و القيم الرديئة .. التي تسلبها فرصة الإنبعاث و الحركة الى الأمام .. على هذه الأُمة أن تتوقف عن التقديس، و تبدأ عملية مراجعات جريئة للخروج من أزمتها.