بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وصحبه وآله. 

 الترجمة في قمتها هي نقل المعنى من مبنى لغوي إلى مبنى لغوي آخر. ويكمن تحدي النقل (والوصول إلى القمة أو إلى النهاية) عند انحسار تشعب قطبي المعنى والمبنى واختفاء لكنته وأجنبيته.  إنَّ كلَّ من يقرأ بلغة أجنبية يمر بمراحل تكييف معنى، وتعديل مبنى حتى يطمئن إلى تسكين فهمه لما يقرأه في المبنى الآخر. والعملية ليست آلية تمامًا. وكم أنتجت تلك الآلية مفارقات تثير الضحك، وببحث سريع يظهر لك قوقل العجب.  ما أود قوله هنا أن الترجمة إبداع بين توليف وخلق، وأنتم تقرؤون هذه المجموعة القصصيَّة التي اختارها الأستاذ خلف سرحان القرشي ووضع لها عنوان "الطريق التَّعب" قد لا تهتمون كثيرا بتلك التفاصيل النظريَّة عندما تجولون بين أجواء هذا السرد وتستمتعون به.  القرشي من طلابي المتميزين. عهدته مغرمًا بالترجمة عاشقًا لها منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وهو طالب يتلقى دروسه الأولى فيها في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة أم القرى فرع الطائف، وكنت حينها واحدًا من معلميه.   المجموعة التي بين أيديكم هو طبعةٌ ثانيةُ آثر المترجم نشرها حرصًا منه على تلافي أخطاءٍ مطبعيَّةٍ كثيرةٍ شابت الطبعة الأولى التي صدرت قبل ربع قرن تقريبًا، والتي لم تعد متوفرةً في الأسواق كما أخبرني.   أجرى القرشي بعض تعديلاتٍ وتصويباتٍ على بعض ترجماته القديمة نحو الأحسن والأفضل والأجمل عطفًا على ما أكتسبه من خبرةٍ وتجربةٍ، وما تلقاه من ملاحظاتٍ واقتراحات من روادٍ ومختصين في مضمار الترجمة الأدبيّة أثرى منها كثيرًا. وخطوته هذه  تنم عن حرصه واهتمامه بنتاجه، وبقرائه الكرام ، وتعكس إخلاصه لفن الترجمة، ورغبته في تجويده وإتقانه، وهذه من سمات وصفات المبدع الحقيقي.  زد على ذلك أن المترجم أضاف لهذه الطبعة ترجمتين جديدتين فكانت حقًّا طبعة مزيدةٌ ومنقحةٌ.     أتمنى لكم رحلة ميسرة في هذا 'الطريق التَّعب' الذي خاضه الأستاذ خلف القرشي حيث وفق إلى تيسيره وتوطين لغته من منطلق الهدف الذي يسعي من أجله في خوضه غمار الترجمة.  والحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. ***
بقلم الدكتور: عبد الرحمن مرغلاني