على مدى عقد من الزمن, عمر ثورة الياسمين التي ذبلت سريعا وتم دهسها بفعل من ركبوا موجة التغيير, حدثت العديد من اعمال العنف, والفساد المالي, إلا انه لم يتم محاكمة مرتكبيها ,ليس لعدم ثبوت الادلة ,ولكن لان المجلس المؤقر تم تسييسه من قبل النهضة واحزاب تقتات على الاموال العامة, للتستر على جرائمهم.

بحجة استقلالية القضاء, تم ركن العديد من ملفات الفساد, المجلس غير مكترث وكأنما الامر لا يعنيه, ربما يريد ان يستحدث لنفسه دولة, ليعم الفساد وتسود الجريمة المنظمة, قرابة تسع سنوات مرت على اغتيال المناضل بلعيد, ولا يزال الجناة طلقاء يسرحون ويمرحون, أموال عامة تم نهبها ولم يتحرك المجلس بالخصوص, الخزينة العامة على شفا الانهيار, وصندوق النقد الدولي يضع شروطا للإقراض, الفساد يعم البلد, فكيف يضمن الصندوق استرداد امواله؟

الرئيس سعيد بعيد ثورة التصحيح, اصبح يملك زمام امور البلد, وعليه يقع عبأ اتخاذ تدابير استثنائية من اجل إعادة تنظيم مؤقت للسلطة، الإجراءات التي طالت كلا من البرلمان والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تعبر عن رغبت الرئيس بالسير قدما في عملية الاصلاح الاجراء الاخير بشان حل المجلس الاعلى للقضاء كان جد ضروري لتطهير الجهاز مما علق به من ادران واناس مستفيدين من الوضع الراهن.

مشهد القضاة المعترضين على اجراءات الرئيس امام اغلاق المجلس يشبه الى حد كبير مشهد الغنوشي وبعض زملائه امام البرلمان المجمد, الا ان حظ القضاة يعتبر جد سيء ,فلا فائدة من القاء الخطب الرنانة والتباكي على مجد اسهموا في هدمه بتقاعسهم عن القيام بواجباتهم.  

المؤكد ان الاوامر الرئاسية التي صدرت تباعا تصب في المصلحة العامة ولا تستهدف وجود المؤسسات في حد ذاتها, وإنما طريقة تسييرها وافتقارها إلى العقلانية, لم تعد لها مصداقية  لدى الشارع التونسي الذي يشاهد الفساد المستشري في كافة قطاعات الدولة بأم عينة ولم يتحرك جهاز القضاء, فتقاعسه يعتبر مشاركة ضمنية في الوصول الى الاوضاع المزرية.

لقد عقد الرئيس سعيد العزم على السير قدما في مسار إصلاح المنظومة القضائية وتعزيز استقلالية القضاء, والنأي بالمرفق القضائي العمود الفقري في اقامة دولة العدالة والقانون عن التسييس,ومن ثم البت في القضايا التي تشغل بال المواطن.

معارك صعبة ولا شك يخوضها رئيس الدولة المؤازر من الشعب ضد منظومة فساد تمكنت من التغلغل في كافة القطاعات وتعتبر نفسها فوق القانون,كل خطوة للرئيس تعتبر مسمارا يدق في نعش المنظومة التي تتخبط في تصرفاتها, تارة تصف ما يقوم به الرئيس بانه انقلاب على الشرعية والعودة الى الدكتاتورية لتأليب من لا يزالون في المنطقة الرمادية من الشعب على الرئيس, وتارة تستدعي القوى الاجنبية للتدخل في شؤون البلاد, ولكن دون جدوى, فالمجتمع الدولي يعي ما يقوم به الرئيس, وحجم الفساد الذي سببه هؤلاء الصعاليك.

نتمنى ان نشاهد عديد القضاة الذين عطلوا العدالة خلف القضبان, وان يكشف النقاب عن قتلة العديد من الامنيين والعسكريين والرموز السياسية, ولتنعم تونس بالأمن والاستقرار ووقف هدر الاموال