فكرة الانتقال من مكان للأخر من أكثر الإفكار ترويعا و أكثر الأمثلة نقل بياناتك من جهازك القديم إلى الجديد و انتقالك من سكن للأخر , كلاهما عذاب بين ما تريده وما يتوفر لك في المكان الجديد . 

خلال الإسبوع الماضي قضيته في البحث عن سكن جديد و كالعادة انت بين مطرقة احتياجاتك و سندان الأسعار. فبين موقع مميز و لكن عقار قديم , أو سعر مميز و مكان بعيد , لا تنفك تجد شيئا إلا و أخر مفقود و كأنها "بدلة سمير غانم بمسرحية المتزوجون" .. 

يبدو أن بيت الأحلام هذا لا يوجد إلا في عقلك و يبدوا أن حياتك المثالية لا تعيشها إلا في مخيلتك و الواقع أنك تحت تصرف الفيزياء و الكيمياء و الأحياء و الإقتصاد . 

فالفيزياء من قوانينها في السكن . إذا سكنت في دور علوي لابد أن يكون هناك مصعد , و إن سكنت في الأرضي سوف تكون مستودع الأتربة , 

و الكيمياء حين تسكن في وسط المدينة فأنت عرضة للتلوث و تفاعلات و غازات لا حصر لها و إذا سكنت بعيد فأنت في حاجة لسيارة ذات قدرات مناسبة لتنتقل لعملك و تنقل أهلك . 

و الأحياء فهنا بالمعنين الأحياء "بيولوجي" و الأحياء "مناطق" .. بالنسبة للبيولوجي فأنت بحاجة لمكان ذو جو مناسب و نظيف و يتوفر الأساسيات المعيشية من بقال و فكهاني و جزار و فرن.
و أما علم الأحياء "المناطق" فهذا من أخطر العلوم فهناك حي راقي "برستيج" و لكن أسعار خرافية بالإضافة لمزايا إلا إنك من الممكن تستيقظ على نباح الكلاب ولا تستطيع أن تتكلم فهذا كلب "فوفي" بنت جارك و هذا كلب "توتي" ابن جارك . و هناك مناطق قد لا تجرء أن تفكر في الاستيقاظ إذا سمعت شئ و الأفضل لك أن تصمت دون نباح.

و أهم علم هو الإقتصاد و قوانينه التي لا تعرف رحمه ولا شفقة و لا أي من هذه الصفات المنقرضة . فإذا كنت مستأجر فتوقع العادة السنوية لدى المؤجر من زيادة . ومن زيادة في الماء و الكهرباء و الصرف .إلخ إلخ..

لذا و بكل ثقة أقولها ليس هناك بيت الأحلام و لكن يوجد بيت المنطق و هو أنك لن تجد بيت الأحلام على هذا الكوكب.