وقعت في حب الفول السوداني وتحول الحب لإدمان لذيذ 

أصبحت أشتري الفول السوداني النيء بالكيلو من الدانوب وأغسله وأحمصه فتفوح رائحة تحميصه في البيت ويشمه قلبي كما يشم بخور العيد

ثم أضعه في برطمان كبير شفاف على طاولة المطبخ حتى يكون أقرب ما يكون إلي

أتناول خمشة كلما مررت، أتناوله مفردًا ومثنى وجمعًا؛ 
أصنع منه زبدة منزلية وأتفاخر بها أمام عبدالحميد: بالله مو حقتي ألذ من الجاهزة؟
أصنع به (سناك التمر والشوفان والمكسرات) ، أضعه مع المكسرات المحمصة المنوعة على الكريمة البيضاء فوق وجه كيكة اليقطين، أستمتع بطعمه في صوص أصنعه بمزاج لسلطة سمبريرو المكسكية ، أو صوص دجاج الساتي الاندونسي، خصصت برطمانًا زجاجيًا بحجم أصغر ليكون رفيقي وقت كتابة الرسالة.
آكله بإسراف، وأقدمه لضيوفي، وأروّج له عند أهلي وأشجعهم على عقد هذه الصداقة.
ثم جاءت نتيجة التحاليل الشاملة التي أجريتها ودخلت على الطبيبة لأسمع الأخبار فلما وصلت بعينها لنسبة الكولسترول الجيد ابتسمت وهي تسألني: أنت ايش بتسوي؟ وهنا لمعت عيني وابتسمت ابتسامة مشاغبة واعتقدت أني عرفت السبب.
كانت الدهون الصحية أكثر مما ينبغي!
قالت لي ماريا (خامس طب) بسخرية: يا خالة سمية حاولي تكوني صحية أقل!
استوعبت ببطء مالذي فعلته في نفسي وقلت خلاص لابد من التغيير وأعلنت للبيت أني سأتخلى عن صديقي.
جاء الليل شعرت بالجوع ماذا سأتعشى إذن إذا لم يكن العشاء زبدة فول سوداني؟ أرسلت لأخواتي في واتساب أطلب النجدة اقتراحات للعشاء ليس فيها فول سوداني؟
في اليوم التالي، كيف أتصرف مع جوع مابعد الرضاعة؟ ماذا أضع في شنطة الخروج سناك جاف صغير؟ 
وكل جوع يعتريني لا يخطر ببالي إلا صديقي الفول السوادني وزبدته!
يذكرني طلوع الشمس (فولاً)  وأذكره لكل غروب شمس
بعد أيام بدأت أعتاد تخفيفه من حياتي، وتوقفت عن شراءه بالكيلو 
 لكني مازلت أحنّ إليه فأشتري علبة زبدة الفول السوداني بحجم صغير حتى تكون الأمور تحت السيطرة.
اليوم وبعد مرور ثلاثة أشهر من التعافي من الإدمان
فتحت الضوء الخافت في المطبخ وتناولت علبة زبدة الفول السوداني وأخذت ملعقة غمستها وأخرجتها ثم أعدتها داخل العلبة لتصبح ممتلئة بكمية أكثر 
وضعتها فوق الشوفان هكذا كانت الوصفة في انستقرام (الذي نكبنا بوصفاته) 
أغلقت العلبة ووضعت ما بقي في الملعقة في فمي حتى ألعق ما بقي فيها وفجأة دخل عبدالحميد! شعرت أني عاشقة متخفية في الظلام تريد أن تختبىء! 
ثم تراجع ذلك الشعور سريعًا وأغمضت عيني وأنا أستمتع بالطعم وأحدث نفسي: استمتعي
 فالشيء إذا زاد عن حده انقلب لحب أبدي لا ينتهي.