خيار الحذف "Delete" في العالم الافتراضي ترف لا يمكن الحصول عليه في عالم الواقع, الأشياء, الأشخاص, المشاعر, المواقف, كل شيء يتراكم على بعضه, ذاكرتك تساهم في التخلص من بعض الأشياء لكنها تُبقى على أشياء أخرى, تُجري عملية الحذف والحفظ بشكل عشوائي دون أن تراعي رغبتك أو مصلحتك, دون أن يكون لإرادتك أي دور. 

يحدث موقف فترسل لك الذاكرة مشاعر , بعضها تتعرف عليه وبعضها الآخر لا تدرك ماهيته وأياً كان الحال فإنها تترك لك خيار التعامل معها, تُلح عليك بأن فهم تلك المشاعر لازم لاستيعاب الموقف الحالي, تُلزمك بالتعامل مع شيء لم تختر حفظه ولم توافق على طريقة أرشفته بل وربما لا تعلم حتى عن مدى صحة منشأه فكيف بعلاقته بما يحدث الآن. 

قد تستاء من ردة فعل سلبية على تصرفك الإيجابي, تستاء إلى درجة أن تلوم نفسك على المبادرة, أن تصل بتفكيرك المشحون المشوش إلى نتيجة أنك المخطأ من البداية بالاهتمام. بل وربما عليك اتخاذ قرار بعدم الاهتمام ثانية. ربما الاستياء هنا كشعور مجرد مُبرّر, لكن النتائج المترتبة عليه غير مُبررة, بل الاستياء بريء من تلك النتائج, مشاعر أخرى مبهمة هي المسئولة عن تلك النتائج, مشاعر أخرى تجعل من ساحة التفكير ساحة مشوشة مشحونة تُصعِّد من حدة الحوار الداخلي, تعقِّد عملية التفكير, تضاعف الحاجة لأدواته, تُغذي العملية بمعلومات خطأ, حتى تصل بكل ذلك إلى نتائج تلائم اي شيء آخر إلا موقفك الحالي.