حورية بحر !!
ايعقل ان ما تراه عيناي حقيقة!
قلت في نفسي، كانت النصف بشرية ونصف سمكة تختبئ امامي خلف صخره كبيرة بطول عشرة امتار. لقد كنا في جزيرة معزولة اخترتها انا واصدقائي لنقضي فيها الاجازة. جميعهم اتجهوا الي الداخل لتناول الطعام لكنني لم استطع مفارقة الشمس الدافئة فتأخرت عنهم وكنت مستلقيا على تربة الشاطئ الدافئ مستمتعا بالشمس التي توشك ان تغرب الي ان التقت عيناي بعين الحورية التي كانت تطل علي من خلف الصخرة.
"مهلا ! لن اؤذيك لا داعي للخوف"
قلت بعد ان هربت لانني استقمت في جلستي من عجاب ما رأته عيناي، فعاودة تطل علي من وراء الصخرة فقررت الاقتراب بهدوئ.
"اسمي هو سورى. هل تملكين اسما؟"
لكنها لم تجيب كانت تنظر الي فحسب بعيناها الواسعه، كان شعرها احمر طويل وذيلها ذا لون اخضر عشبي وبشرتها ذات لون ابيض حليبي ووجهها وكتفيها مملوئه بشئ يشبه البثور الزرقاء وكأنها بقايا من حراشف. وحول عنقها كانت تمتد خياشيم كخياشيم الاسماك. وجسدها مغطى باوراق النباتات البحرية، وكانت تبدو جميلة كما تصف الاساطير جمال الحوريات.
"هل تستطيعين فهم كلامي؟"
سألتها فأومات برأسها بالايجاب.
"مالذي تفعلينه هنا؟"
قلت وانا اقترب ببطئ وكنا على مقربة من الشاطئ، لكنها لم تجيب على سؤالي وبالمقابل قالت بصوت كانه همس
"اتبعني اريد ان اريك شئ"
وغطست بالبحر، وتبعتها بسذاجه.
***
انا اسفه لكن علي تنفيذ ما تيت لاجله
قالت الحورية في نفسها وهي تتفقد الغريب بين حين واخر لتتأكد انه يتبعها.
يبدو طيبا بعينيه الزرقاء البريئه وملامح وجهه الطفولية اتساءل كم يبلغ من العمر هذا الطفل المتهور.
ثم التفتت لتتفقده واطمأنت لما رأته يتبعها الي داخل البحر اكثر واكثر.
انه لا يستحق ما سيصيبه ... اتمنى ان يعطفوا عليه ولا يؤذوه، يا ترى هل سيكون له امل في ان يعيش؟
قالت الحورية في نفسها ولما وصلوا حيث ارادت، توقفت ونظرت الي سورى بعطف وشفقه، لم يدرك سورى المعنى من نظراتها فتبسم بلطف فقالت الحورية.
"سورى، انا اسفة"
وفجأة ظهر حوت من اسفلهم وبسرعه اللتهم سورى لكنه لم يكسر له عظما ولم ينهش منه لحما بل حفظه في داخل بيد ان العصارة الهاظمة واللعاب كانا كفيلين بتذويب جلده الرقيق وجعله ذلك يفقد الوعي تماما.
واكملت الحورية رحلتها مع الحوت الي اعماق البحر الي حوالي "مدري كم" فرسخ. واخيرا بعد ساعات وساعات وصلوا الي الوطن.
***
"يا الاهي !! اين انا !!"
قال سورى بعد ان بسق مياه البحر التي كانت عالقه برأته. وجد نفسه مستلقي على سرير على الارض حاول ان يستقيم لكنه صاح من الالم فجلده كان محروق ومزلوغ جرائ هذه الرحلة الطويلة. نظر الي يديه بعد ان خف عنه الوجع فوجدها ملفوفه بالطحالب هي وسائر جسمه. لابد انه نوع من العلاج ٪تضميم٪ ظن في نفسه وهو يتفحص الاوراق الطحلبية اللزجة الملفوفة على جسمه. ولما حاول الوقوف بعد ان استعاد شيء من عافيته اوقفه شيء اخر غير الالم. فقد ادرك انه مقيد باصفاد من حديد حول قدميه ويديه واقصى ما سمحت له هذه الاصفاد ان يسير مسافة خطوة واحده.
"واخيرا استيقضت..."
التفت سورى الي الصوت فوجد رجل جالس على كرسي في الغرفة المغلقة الخاليه من اي شيء غير سرير سورى وكرسي الرجل الغريب.
"من انت ! واين انا !!"
اغلق الرجل الكتاب الذي بيده واخرج منه سكينا وقال متجاهلا السؤال:
"هناك شيء اريده منك يا فتى ... واستطيع الحصول على ما اريده بالعنف"
كان الرجل ذا البشره البيضاء الشاحبه المليئه بالبثور الزرقاء يقترب من سورى، كان يبدو في الاربعينات من العمر، له شعر ابيض طويل وعينان صفراء بارزه كاعين الاسماك وحول عنقه خياشيم كخياشيم الحوريه التي خذلته. اقترب الرجل كثيرا ووضع سكينه الصغيرة على عنق سورى وقال بصوت مخيف.
"استطيع الحصول على ما اريده بالعنف، لكن لما ؟"
ثم تبسم ابتسامت مريبه واخرج من معطفه الاسود الطويل كيس من قماش بني وفتحه للفتى وكانت بداخله لألئ كبيرة الحجم ثم قال بعد ان رماه على سرير سورى
"في الاعلى هذا الشيء الرخيص يعدل الكثير صحيح. ستحصل على ثلاثة اكياس اخرى ومعها حريتك يا فتى وبالمقابل سأحتاج لان تفعل شيئا واحد لي."
"مالذي تريده مني"
قال سورى بصوت متماسك
"ليس الان يا فتى ... ليس الان فجروحك قد تمنعك حتى من النوم فكيف لك ان تخدمني بهذا الشكل."
قالها بتعالي وكأنه ملك معتاد على خدمت الاخرين له.
"بعد اسبوعين ستلتئم جروجك وعندها سنتحدث من جديد، من هنا حتى نلتقي مجددا اريد منك ان تحافظ على صمتك وهدوئك. ستقدم لك ثلاث وجبات في اليوم، صبحا عصرا وعشائا. وهذا كل شيء حتى الان."
***
"سيدي ... ان السجين يرفض تناول الطعام."
قالت الخادمة، تأفف السيد وقال
"لا ادري باي جزء لم اكن واضحا، ان كان قد اختار العنف فله ذلك. نادي لي ساعلي الايمن ليجبر هذا الاحمق على الاكل نحتاجه حيا معافى."
وبعد دقائق اتى ساعل الرئيس وقال
"سيدي ان الفتى يستفرغ الطعام."
دلك السيد جبينه بيده وكانه يعاني من صداع وقال
" اه ه ه ... وهل علي ترويضه هو واعضاؤه على الطاعه !"
طرقة الخادمة الباب استئذانا للدخول ولما سمح لها قالت
"ان السجين يا سيدي لا يتعمد فعل ذلك، اخبرني ان الطعام نيء، لا اعلم مالذي يعنيه بذلك."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نهاية الفصل الاول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ