كانت سمر واحدة من بنات كثيرة , تشبهننا كلنا , تلمع عيونها دائما بالحزن وتقف دمعه في المنتصف , كانت أحلامها بسيطة , بسيطة للغاية , أن تجد من يفهمها ويجعلها تشعر كم هي جميلة , أن تجد ما تبحث عنه , قابلتها لأول مرة عن طريق صديقة مشتركة بيننا أحبت أن تجعلنا نتقابل , أنا اعشق الحكايات وكانت لسمر حكاية تستحق أن أرويها , لقلب سمر الطيب القدرة علي الاحتواء والعطاء , لا تعاتب ولا تبحث عن عيوب , لا تغادرك حتي وان غادرتها , ذلك النوع الصادق من الناس , المتفاني حد الصميم , النموذج المثالي الذي يتحطم تحت صخرة الحياة وقسوتها , سمر فتاة شجاعة فالطيبة لا تعني بالضرورة الجبن , كانت شجاعة لتواجه , لترفض ما يفرض عليها , كانت دائما تؤمن بأنها تستحق , لم تتنازل أو ترضي بما فرض عليها , قاومت ودفعت الثمن من روحها الطيبة .
لم تكن أحلام سمر كبيرة , كانت تتمني أن تكون سعيدة ومحاطة بالحب , أقل ما يمكن للإنسان طلبه في الحياة , تحتاج فقط لمن يفهمها ويسمعها , نظرة كافية واحده بداخل عينيها لتشعر كيف تعاني الأوطان بصمت .
تبتسم دائما , ربما كانت تلك طريقتها في مواجهة الدنيا والناس , كانت علي استعداد ان تداوي جرح الآخرين وتجلس بصمت وحدها تنزف جراحها , المجتمع يعج بالسيئين وبأصواتهم العالية التي لا نسمع سواها , بينما الطيبون يبكون في الأماكن الوحيدة والمغلقة .
كنت أحتضنها في نهاية لقاءنا وأنا أشعر بأنها تحمل الكثير من الأثقال فوق كتفيها الضعيفين , كيف قسي الناس والدنيا عليك هكذا يا سمر ؟ , كنت أقول في نفسي .
إذا احتجت رفيق حقيقي , يأخذ من علي شفتيه الابتسامة ليمنحك اياها بنفس راضيه ..هناك بالضبط ستجد سمر .
كانت تقول عني أنني جميلة , لكنها لا تعرف أبدا كم كانت تشع جمالا في عيوني , تحتاج فقط من يخبرها أنها جميلة للغاية , ربما هذه هي المشكلة أنها تعيش وسط مجتمع بخل عليها حتي بالكلمات اللطيفة والحنونة , بالرغم من أن الكلمات اللطيفة لا تكلف شيئا , وجدت حكاياتنا طريقها وتشابكت , والنهاية واحدة , ارواح متألمة , تشكو ممن ينتمي اليها ولا تشكو من الغريب , فمن شوهوا الأرواح الطيبة ليسوا غرباء بل منا ... وهذا أقسي ما في الأمر .
. كانت تريد أن تنتمي وأن يكون لها جذور
لم تكن نستحق أن تنزف , لم يكن هذا يليق بها , كانت السعادة وحدها تليق بسمر
ربما تليق بها هي أكثر من اي شخص آخر