مرت الأيام وكنت أذهب لغرفة مروة لأطرق الباب لكنها كانت في أغلب الاوقات بالخارج , تدرس مع أصدقائها , في الحقيقة لقد كنت أبالغ بالذهب لغرفتها كثيرا , لأنني كنت أحتاج من أحتمي خلفه من ما أعيشه , قالت لي مروة أن لا آخذ علي خاطري فهي تفضل البقاء وحيدة , هذا هو ما تعودت عليه في لبنان العلاقات هكذا , حتي إنها عندما تعود لمنزلها في الإجازات الصيفية تقضي أغلب أوقاتها وحيدة في غرفتها , حتي انها تأكل وحدها , وهذا كان يغضب والدها قليلا .
أخبرتها أننا نختلف في مصر فنحن نحب التجمع ولا نسمح بأن نترك أحد وحيدا , كانت تضحك علي كلامي , لقد أزعجتها كثيرا بطرق بابها طوال الوقت , وازعاجها دائما , كنت سخيفة ولا أطاق لكنني لم أكن أعرف سواها في تلك الأيام , في الحقيقة لقد أحسست من اللحظة الأولي انني انتمي اليها , كيف أتركها وأنا قضيت عمرا أبحث عنها ؟
أحيانا كنت أطرق بابها فتقول لي أنها لا تريد فتح الباب لأنها حزينة ولديها بعض الهموم , ولا تريد رؤية أحد أبدا , كنت أمشي وأنا أريد الدخول بشدة فقد كنت أكره ان اتركها تعاني وحدها , علي الأقل يكون هناك أحد الي جوارها .
كانت هذه هي طريقة مروة اختارت أن تعاني وحدها , لأن ببساطة لم يحاول أحدهم مرة أن يكون الي جوارها , كانت تفضل ان تعيش المها وحدها , طبيعي لشخص سافر للدراسة بالخارج وهو لا يزال بعمر الثامنة عشر , بالرغم من معارفها الكثيرة , فقد كانت مروة تعرف أغلب الناس في قبرص , لكن لم يكن أيا منهم الي جوارها عندما احتاجتهم , لقد خذلوها فكانت تحتمي بجدران غرفتها , كانت الجدران أحن من كل الناس الذين تعرفهم .
كانت الأيام تمضي وكنت أقحم نفسي في حياتها , كنت أذهب عندها دائما حتي عندما لا تريدني , لقد اغلقت بابها في وجهي مرارا لكني كنت أسمع أنينها من وراء الأبواب المغلقة .
في مرة كنا نتمشى ليلا وقلت لها أنني أحببتك من أول مرة ألتقينا بها أحسست أنني انتمي اليك بشكل ما , كأنك فرد من عائلتي , أخبرتني ألا أحزن من تصرفاتها , وأن أول انطباع أخذته عني انني ثرثارة واننا مختلفين للغاية ولن نصبح أصدقاء .
القدر مضحك جدا فأنا ومروة لم نصبح أصدقاء فعلا , بل أصبحنا وطنا لبعضنا البعض , بالرغم من أنها تصغرني بأربع سنوات لكنها كانت تحميني دائما , كانت ملاكي الحارس , لم تسمح يوما لأحدهم بسحقي ابدا , بعد مرور شهر أو أكثر قليلا صارت مروة تأتي لغرفتي قبل أن تذهب لغرفتها في نهاية اليوم , كانت تصر أن تراني وتطمئن علي قبل أن تنام , كنا نتشارك كل شيء كانت تمنح بلا مقابل , تمنح كل ما تملكه بقلب لم اري مثله حتي يومنا هذا , كنت أحس بجوارها كم أنا لا أليق بها وأتعجب كيف يفرط أحدهم بقلب جميل كقلبها ؟
ربما لا تعرف مروة هذا حتي الآن لكنني كنت دائما أشعر أنني لا أليق بها وأنها كانت تليق بالأفضل , لم أحب مروة كما تستحق , حبي لها لم يكن يكفيها قدرها أبدا
حتي أنها طرقت باب غرفتي في الواحدة ليلا وأخبرتني أن أرتدي ملابسي وأنزل لحديقة السكن بسرعة , لقد أحضرت لي طالبا مصريا يدرس في قبرص حتي أتحدث معه , فمنذ أن وصلت قبرص لم أقابل أي مصريين كانت تشعر بحنيني لبلدي , لك أن تتخيل لقد فعلت هذا فقط لكي تسعدني