D
Dawlat Al hennawy

نحن لا نختار القصة ..القصة تختارنا (مسوقة الكترونية - مديرة مواقع التواصل الاجتماعي Digital marketer / social media manager)

مدة القراءة: 3 دقائق

بلاد لا أنتمي لها

كنت أمشي دائما في قبرص كان المشي هو علاجي الوحيد طوال إقامتي هناك , كنت أمشي لأشعر بنفسي خفيفة , لأفكر , لأبكي , لأتذكر, كنت كلما مشيت أنظر حولي لكل الأشياء التي أراها , للأشجار , للكلاب , للبيوت , للناس , وكنت دائما ما أشعر وداخلي يقول .. لا أنتمي لكم

تلك الأشجار ليست لي , الحيوانات لا تعرفني , هذه ليست بيوتي , الوطن شيء مختلف فكل ما في الوطن لك تنتمي اليه ويشبهك , كنت أشعر بالحزن الشديد فبلادي لم تحبني بقدر ما أحببتها أنا , تلفظنا أوطاننا فنضطر للرحيل ونقضي عمرنا كله نريد العودة , لغربة ثمن لا يشبه أي شيء آخر , حتي أن تسميتها صحيح للغاية (غربة) يعني تعيش فيها غريبا دائما .

كنت أريد الإحساس بالانتماء لأي شيء هناك , فبدأت بالاحتكاك بما يحيط بي , كنت القي التحية علي الغرباء في الشوارع , واصادق الجميع , كنت في حاجة ماسة للدفء  .

لكن الغربة لا تسلب كل شيء حتي لا أكذب الغربة تعطي أيضا , تعطي اماكن افضل , فرص اكثر عدالة , حياة مختلفة , تعامل فيها بإنسانية , لكن ما فائدة كل هذا وانت لا تجد من تشاركه افراحك و أحزانك . تعرفت علي أناس من بلاد مختلفة , من أنحاء العالم كانوا في الغالب هنا نفس السبب فبلادهم أيضا من رمت بهم هنا , ساعدني الكثير طوال فترة اقامتي هناك , اغلب من ساعدوني كانوا من بلاد افريقيا , كأن من ذاق طعم القهر ومرارة الأيام يرق حاله لغيره أكثر من أي أحد آخر.

ربما في قرارة نفسي كنت أفعل هذا عمدا حتي لا احب تلك البلاد , حتي استطيع العودة بلدي مرة أخري , لم أرد أن تسرق الغربة أفضل ما لدي وكل من أحبهم , كنت أخشي كثيرا العودة الي البيت ولا أجد من فيه , كنت أخاف من أن يعتادوا غيابي وأن أعتاد وحدتي , وأقضي عمري كله أجري وراء سراب زائف لأنوار بلاد لن تكن يوما بلدي

ما كان يخفف عني قليلا هو اجتهادي في الدراسة وتميزي وسط زملائي , كلمات التشجيع من أساتذتي , كنت أسعد ما أكون وسط محاضراتي ودروسي . كان فقط نظام الاختبارات المستمرة مزعجا جدا بالنسبة لي فقد كان يضغط اعصابي كثيرا وجود اختبارات مستمرة , لكنني كنت وبشكل ما اجتازها بصعوبة . الكل يري الصورة من الخارج فقط ا احد يعرف ما نعيشه في الحقيقة , كنت وأنا أمشي أحب الاستماع لشيء ما أغنية مثلا أي شيء كانت تعجبني رائعة الأبنودي حراجي القط فقط كانت تصور الغربة بكل تفاصيلها حتي نهايتها كانت واقعية للغاية , كنت أستمع ايضا للأغاني الوطنية وابكي , كانت الشهور الأولي لي هناك كلها بكاء تقريبا , كنت اعاني بشدة ولم يكن هناك من يعطيني كتفه لأبكي عليه , لم يكن لدي اي مكان ولا احد لأذهب اليه , كنت وحيدة تماما في بلاد غريبة , لم نكن أنا ومروة اصدقاء لتلك الدرجة فكان تعارفنا جديدا وكانت لديها العديد من الاصدقاء , كنت أفضل البقاء في الحديقة أو بالأسفل فجلوسي وحيدة في غرفتي تلك الفترة لم يكن خيارا مسموحا , كما أنني لم أكن أري شريكتي التركية في الغرفة كانت تأتي متأخرة وتذهب مبكرة في الصباح , حتي أننا كنا نادرا ما نلتقي , كنت أجدها غريبة للغاية , احيانا كانت تلقي علي السلام وأحيانا أخري لم تكن تتحدث الي مطلقا , كانت غامضة ومزاجية الطبع وحادة , وأنا لم أكن أفضل ذلك النوع القاسي حاد اطبع والمزاج من الناس , فظلت علاقتنا طوال شهرين تقريبا رتيبة اذا تحدثت معي اجبتها واذا لم تتحدث ا اتحدث معها , وهكذا فكانت هي تقضي معظم وقتها علي الهاتف حين تكون في الغرفة , في قبرص كنت كمن بدأ حياته من جديد كصفحة كتاب فارغة بلا اخطاء ولا إخفاقات ولا ماضي , كانت صفحة أسطرها بنفسي لأول مرة كان لدي وحدي الحق في اختيار ما يناسبني , كانت حياتي أنا , كنت أنا لأول مرة أنا بدون أي إضافات

D

Dawlat Al hennawy

نحن لا نختار القصة ..القصة تختارنا (مسوقة الكترونية - مديرة مواقع التواصل الاجتماعي Digital marketer / social media manager)

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات