التكنوقراط ونمطية الإصلاح !.....
رحيم الخالدي
طوال السنوات التي إنقضت من عمر الحكومة الديمقراطية، لم نلمس شيء سوى كلمة "سوف"، التي لم نعد نصدق أي من الذين تصدوا للمسؤولية، وإن لم يتصدى لحد الآن سوى ثلاثة أشخاصٍ، وهم من نفس الحزب الذي يمتلك نفس الوجوه، التي زادت أعدادها كل من لفظتهُ الأحزاب، لإتهامهم بملفات فساد! ولم يتم محاسبتهم لأنهم تحت عباءة من يمتلك القرار بالمحاسبة، وإلاّ كيف تمت تعرية سياسيين وفتح المجال أمامهم للهرب وغيرهم لا ! .
الإصلاح يبدأ بمن يتصدى له، ويكون دليل على حسن النية، ليكون مقبولاُ عند الآخرين، وعندها نكون في مسار لا يقبل بالمساومة لانه بدأ بنفسه، والمتظاهرين كانت كل المطالبات التي أوصلوها برسائل واضحة، وجلية ولا تقبل التأويل، وملفات الفساد على رأس القائمة، والمحاسبة وإسترجاع كل الأموال التي تمت سرقتها بشتى الطرق والوسائل الخبيثة، وكانت المرجعية أيضا وضعت اليد على الجرح، من خلال الرسائل المطروحة، من على منبر الجمعة في كربلاء المقدسة .
كانت الخطابات التي القاها السيد العبادي غير واقعية، لانه بعد أن أوكلته الجماهير وأعطته الضوء الأخضر بالمحاسبة مسنودة بالمرجعية، خرج بخطاب يطالب الجماهير بتخويل، وكأنه كان نائماً! وذهب للنجف الأشرف وأخذ الأذن بالإنطلاق، بعدها كان الصمت هو المسيطر، والجماهير تنتظر أول محاسبة لرأس الفساد، والعبادي يعرف كل تفاصيله، كونه كان في الدورة السابقة، يشغل رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب، ويعرف تفاصيل يجهلها المواطن العادي، بل يعرف أين إستقرت الأموال المسروقة !.
المناصب التي حرص رئيس الوزراء الأسبق في زرعها بكل المفاصل، تحتاج الى إعادة النظر بكيفية إخراجها، لأنها مخالفة للدستور والقانون، كونها أُعْطِيَتْ مقابل ولاءآت بغرض الحصول على الأصوات، لنيل الولاية الثالثة! وهذا لا يخفى على أحد بعد إنكشاف الأوراق، التي كان يلعب عليها سلفهُ المالكي، وكل الذي عَمِلَهُ كان مخالفاً للقانون والقانون، وشغل جميع المناصب الأمنية والعسكرية الحساسة بالوكالة، وهذا جعله يتصرف من دون محاسبة من أحد، وكانت النتائج كارثية .
التحالف الوطني مصدر قوة، والتداول داخله والتفاهم وتلافي الأخطاء، والخروج برأي كل قادة الكتل هو المبتغى، لأنه يخرج بنتيجة رضا كل القادة من خلال الطرح الصادق والشفافية، بالجلوس على الطاولة المستديرة، ولا نريد أن نذكر بأنه الكتلة الأقوى، وصاحبة الأصوات الأكثر، والأشْهُرْ التي إنقضت منذ أول يوم، بملف الإصلاح لحد يومنا هذا، لم نلمس شيء منتج، وهذا كله يرجع الى التخوف من الإصلاح، ومحاسبة الفاسدين لان جلّهم من حزب الدعوة .
من لا يستطيع المضي بحملة الإصلاح عليه مصارحة الجمهور العراقي، الذي خرج للتظاهر إضافة للمرجعية، معللاً بالأسباب والمعوقات، وترك المنصب وإفساح المجال لمن لديه المقدرة، سيما وأن العبادي قد شخص كثير من مكامن الخلل والفساد والسرقات، لكنه لم يسمي الأشياء بمسمياتها، وهذا أبقى الباب مفتوحاً! فهل ستشهد الأيام المقبلة قراراً جريئاً، ينهي الأزمة بفتح كل الملفات، وأولها المحكمة الإتحادية، التي بات من الموجب إستبدال القضاة بشخوص معروفٍ لهم بالنزاهة والمهنية .
الكتل التي قدّمت إستقالات وزرائها، شَرَطَتْ أن يكون هنالك تقييم من قبل لجان دولية مستقلة، لتقول كلمتها بمن كان يعمل وأنتج، وغيره الذي كان مجرد شخص يجلس على كرسي، أتت به المحاصصة الحزبية، ويتمتع بكل الإمتيازات وبذخ الأموال على الترف والسفر، من خلال الإيفادات التي تكلف الدولة أموال، نحن أمَسّ الحاجة اليها اليوم، سيما ونحن نمر بأزمة مالية خانقة، وصلت لحد جعلت الدولة تفرض على المريض أموالاً ليس بمقدوره توفيرها .