في وطننا العربي نخوض غمار معارك صغيرة تافهة ،  تستنزف قوانا ، و تبدد مواردنا ... !

في وطننا العربي ، نخوض في المعارك التافهة ، و ننسى المعارك الكبرى ، كلنا - الا من رحم ربي - نفعل ذلك : 

الساسة و المثقفون ، الأتباع و المتبوعون ، كلنا ضائعون ؛ ضاعت العقول و زاغت الأبصار ، فرمينا ، فأخطأنا المرمى :

أردنا محاربة اسرائيل فضربنا اليمن ، أردنا الوحدة العربية فمزقنا السودان و العراق و ليبيا ، و الآن نحاول تمزيق سوريا ، و اللعب بأمن لبنان و سلامته ، خوفا من الفرس الملاعين،  و نسينا أن بني اسرائيل - الملعونيين على لسان داود و عيسى بن مريم عليهما السلام - يعيثون فسادا في فلسطين ! .

نرطن فيما بعد الحداثة ، و نحن فيما قبل الحداثة نحيا : بنانا الإجتماعية،  و السياسية ، و الفكرية ... تنتمي الى العصور الوسطى ، دعونا من الأشكال : برلمانات ، و انتخابات ، و جمعيات، و منتديات .... كلها ، كلها ترهات ؛ (تحديث و لا حداثة )... 

نكد ليلا و نهارا ، نخطط سرا و جهارا ، نستهلك رواتبنا ، و نقترض بضمان ماتبقى منها ، فنرفع الجدران ، و نزين الحيطان ، و نفاخر بها الجيران ... و علاقاتنا واهية ، و قلوبنا خاوية ، و أرواحنا عطشى ؛ بنينا و عمرنا و نمينا عوالم المادة ،  و هدمنا  عوالم العقل و الروح و الخلق ... !

بئست المعارك هي معاركنا ! منهكون نحن،  مستنزفون،  تعلو وجوهنا غبار معارك ليست معاركنا ، فيا فرحة عدونا بنا ! .

لكن ، و في عصرنا البائس هذا ، و بينما نطحن و لا طحين ، و نصوب و لا هدف ، و نتكلم و لا معنى ، بينما نمارس جنونا ... فاذا بخبز جديد  ، و تصويب دقيق ، و كلام رقيق ، كلام لم يصغه المفكرون ، كلام يخاطب القلوب ،  و يضخ الحياة في الحياة ... انه كلام الجيل الجديد ، الجيل المبدع ،الذي قرر، بعفوية  ، أن يهدم الواقع القديم ، و أن يشيد على أنقاضه بناءا جديدا متينا جميلا ... 

نعم : لقد حرقنا خبزه ، و  أزغنا بصره فطاشت رميته ، نعم :  لقد  خنقنا صوته،  و طمسنا على عينيه ، و صببنا الرصاص في أذنيه ... نعم ، و لكنه لم يستسلم ، و لكنه سينتصر بإذن الله ، و دليل ذلك  : الممارسات المجنونة التي تحدثنا عنها ، انها انتفاضة الموت : موت المتمسكين بأنظمة ، فكرية و سياسية و اجتماعية ، تخطاها التاريخ،  فتعفنت ، و آن الأوان لاستبدالها بأنظمة فكرية، و سياسية، و اقتصادية ،جديدة ... هذه الأنظمة سيدبج مقولاتها ، و يبني هياكلها،  الجيل الجديد المبدع ، المبدع في عصر الجنون ، انه الجيل الذي يخوض المعارك الكبرى :

معركة التحرر من الاستعمار و الإستعباد،  و الخرافة و الجهل ... 

نعم ، قد تكون منطلقاته غير واضحة ، و رؤيته الفكرية غير جاهزه ، و برامجه غير معدة ، و لكن التجربة كفيلة بتفتيح وعيه ، و تنظيم حراكه ... انها سنة الله - سبحانه - :

اذا شاع الفساد ، و تعفن الواقع ، و تحرك المستضعفون ،  زمجرت الوحوش زمجرة الإحتضار ، و جرت بلا عقل  ، و ضربت بلا رحمة ... و لكن هيهات هيهات ، فزمانها قد ولى ، و دولتها قد دالت .و العاقبة للمصلحين :

( و اذا اردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ،فحق عليها القول ، فدمرناها تدميرا )