لا أعلم ماهو الرابط الذي يراه البعض عندما يجمعون القرآن والموسيقى على ميزان واحد !ويجب في النهاية أن ترجَحَ لديك أحد الكفتين !

فَفور علم أحدهم بأنك ممن يسمع الأغاني ينكر عليك بقول :

( بدال ما تسمع قرآن ! )

كمن ينصحك باستبدال السجائر العادية بالسجائر المصنوعة من الأعشاب كبديل يستخدم بنفس الطريقة ولكن بنتائج أفضل !

عزيزي الناصح المتحمس ألا ترى أن القرآن الكريم والذي هو آخر رسالات الله للبشرية لا يجب أن يوضع كبديل صوتي آخر ل( أحد ملذات الدنيا ) ؟!

ثم لو استبدلت بصوت القرآن كل ما اسمعه من ( أغاني ) والتي عادة تسمع في السيارة ،فإنه لن يتعدى في أكثر المرات مهما اجتهدنا في الإنصات كونه ( خلفية صوتية ) -تعالى كلام الله عن ذلك- !

قبل أن تكوِّن فكرة سيئة عمّا قلت (أو عنّي إن كنت سريع التصنيف ) تريث قليلاً واتبعني لأخر مقالي :


ألا ترى أن المشاعر التي تجتاحك في كِلا الحالتين بل والهدف من سماعك في كِلا الحالتين من المفترض أن يكون مختلفاً ؟

فالشعور الذي يساورني عند سماعي لأغنية ما لا يتعدى كونه ( متعة لحظية ) والتي غالباً لن يصل تأثيرها لليوم التالي على أعلى تقدير ،وهدفي أساساً من سماعي لها لا يخلو من ثلاث : 

إما لمجرد الاستمتاع أو الاسترخاء ،وفي أكثر الأحيان لا تتعدى كونها خلفية صوتية أسدُّ بها فراغ الوقت .

أما مع القرآن فمن المفترض أن يكون الشعور مختلفاً ،والهدف أسمى وأعلى مكانةً من مجرد صوت يسدُّ فراغ الوقت !

مع القرآن من المفترض أن أنصت لا أن أسمع وبين الفعلين اختلاف كبير، لذلك قال الله تعالى : ( وأنصتوا لعلكم ترحمون ) فالتقاط رسالات الله في القرآن والتفكر فيها وتحقيق الهدف من قراءتها لن يحصل  بمجرد سماعك ل( خلفية صوتية ) بينما جسدك أو عقلك منشغل بأمر آخر .

ثم إن قراءة القرآن وحتى سماعه من أحد يتلوه هي عبادة كغيرها من العبادات تستدعي أن تكون في حالة بدنية ونفسية مهيئة وأن تبذل ولو القليل من الجهد حتى يتحقق الخشوع والاتصال الروحي المطلوب والذي هو غاية يسعى لها كل مسلم في كل عبادة وبالأخص التفكر في آخر ما انزله الله على هذه الأرض .

 هي ليست دعوة للتنفير من القرآن والترغيب ب(الأغاني وغيرها) بقدر ماهي دعوة لوضع القرآن في موضعه الذي يجب أن يكون فيه كعبادة عميقة تتطلب نيةً وجهداً لا أعتقد انه يتوفر في في طريق العودة بالسيارة من العمل أو الانشغال في تجهيز وجبة الغداء بينما يكون عقلك منشغلاً بالتفكير في أمر آخر .