نحن خريجوا الاتحاد السوفيتي السابق عانينا وربما للان من مشكلة فهم تلك التغيرات في النظام التعليمي الروسي الحديث ,لذلك نشرت في ما سبق اعتراضا على الملحق الثقافي العراقي في 2018 و 2019  حينما ابلغ الحكومة العراقية بتلك التغيرات معتبرا ان الاسبيرانتورا هي الدكتوراه (وعلما تأكد لي الان انه كان محقا تماما, نعم الاسبيرانتورا هي الدكتوراه). وهنا اتوجه له بالاعتذار كوني قد تسرعت بفهم المستحدثات الجديدة في النظام التعليمي الروسي مما دعاني الى مراجعة اكثر والاتصال بالزملاء الروس والحصول على المصادر الرصينة اكثر ولهذا ومن منطلق الامانة العلمية اشرح للقراء الاحبة ماهو التحديث الحقيقي الذي لم افهمه مسبقا.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينات القرن العشرين تأثرت الكثير من الجوانب سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. داخليا عانت دول الاتحاد السوفيتي من فوضى مابعد الانهيار من ضمن تلك الدول هي روسيا قلب الاتحاد السوفيتي ومن ضمن الجوانب التي تأثرت هو مجال التعليم الذي اصبح محاصرا بالضروف الصعبة التي تحيط بروسيا اقليميا ودوليا كحال باقي الجوانب الاخرى الاقتصادية والسياسية. بدات روسيا تستعيد قدرتها التنظيمية في نهاية القرن العشرين  مع قدوم شخصية مرموقة خدمت في فترة الاتحاد السوفيتي بجد وهو الرئيس بوتن. بدا بوتن بخطوات جادة نحو استعادة امجاد روسيا في جميع المجالات ومن ضمنها التعليمية لكن التركة ثقيلة تحتاج الى فترة. في المجال التعليمي احتاجت حكومة روسيا الى خطوات متسلسلة لتحديث النظام التعلمي القديم. استمرت تلك الخطوات حتى مطلع العام 2014. في مجال الدراسات العليا قامت روسيا بتحديث نظامها التعليمي للدراسات العليا ليصبح مواكبا للتطورات السريعة التي تعيشها اوربا وباقي العالم. في 2013 وحتى 2014 اصدرت قرارات حدثت بنية الدراسات العليا في روسيا لتحديث نظام الدكتوراه القديم الذي يسمى في روسيا (الكانديدات). قبل 2014 كان نظام الدكتوراه الكانديدات في روسيا يقتصر على اعدادا اطروحة هيكلتها تعتمد على نشر بحث او بحثين محليين داخل روسيا ومن ثم مناقشة النتائج ليحصل الطالب على اعلى درجة وهي الدكتوراه. في 2014 وجد الروس ان ذلك النظام لم يعد يتماشى مع القفزات العلمية الهائلة حول العالم وتحديدا في دول التنافس كاالمانيا , بريطانيا , امريكا تلك الدول التي بدات تركز على النشر العلمي (العالمي) وليس المحلي المتواضع. لذلك في 2014 تم اقرار النظام الحديث للدراسات العليا المسمى اسبيرانتورا والذي اصبح فيه درجة الدكتوراه (الاسبيرانتورا) هي اخر درجة تقدمها الجامعات الروسية. تميز نظام الاسبيرانتورا بالتركيز على نوعية البحث العلمي على ان يكون عالميا وليس محليا فقط فاصبح الطالب مطالبا بنشر عدد اكبر يصل الى 5 بحوث من ضمنها بحوث يجب ان تكون منشورة في مجلات ودوريات عالمية وليس فقط داخل الحدود الروسية كما هو كان عليه في نظام الكانديدات القديم. ركزت الاسبيرانتورا ايضا على زيادة الكورسات الدراسية في مواد مختلفة , حيث اصبحت في نظام الاسبيرانتورا تصل الكورسات الى 12 كورس دراسي موزعة على 4 سنوات ترافقها اعداد اطروحة تستند الى البحوث العالمية التي تم نشرها, هذا يختلف تماما عن نظام الكانديدات القديم الذي كان فيه الطالب يدرس ثلاث مواد من ضمنها اللغة فقط. احدث نظام الاسبيرانتورا الجديد قفزة نوعية في مجال البحث العلمي الروسي الحديث حيث ارتفعت تصنيفات الجامعات الروسية والعلماء الروس والطلبة الاجانب بصورة متسارعة في المستوعبات العالمية منذ 2014. بكل الاحوال سلط نظام الاسبيرانتورا الجديد ضغطا اكثر على الطلبة حيث اصبحت فترة الدراسة اطول لكن مخرجاتها عالميا اوسع واشمل من نظام الكانديدات القديم. بكل الاحوال تحولت الكانديدات الى خطوة اضافية (اختيارية) بعد الاسبيرانتورا لمن يرغب بالحصول على لقب (استاذ مساعد) ولم تعد الجامعات الروسية مسؤولة عنه على الاطلاق كونه اصبح اختياريا. بكل الاحوال تستمر روسيا بمحاولة تحديث نظامها دوريا وهذا يحسب لها.

تحية حب الى روسيا التي احتضنتنا دائما وقضينا فيها افضل سنوات عمرنا في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين.

عبد العزيز الكاتب

لندن

2021