أكثر ما يكون حرِجًا إذ تعود للكتابة بعد توقف، أنك تصبح الغريق الذي يتعلق بقشة! قد تكون القشة مفردة لغوية توحي لك وتلهمك، أو لعلها فكرة عمرت قلبك واختمرت بذهنك، أو -وهو احتمال عحيب- فسحة من الحياة تتركك تكتب!
ثمة أمور لا يصح أن تكون موضع تساؤل، و منها فعل الكتابة في حياة الهاوي والمحترف على حد سواء. وأقول "فعل الكتابة" لا مكانة الكتابة وأهميتها. ذلك أننا مولعون بتدبيج الأهميات والدوافع، حتى إذا حلّ موضع الحلّ انطلقنا إلى غير ما وجهة، كمن يهيم على وجه في بيته.
والفعل جهد - ولا ريب- ولكن أي حياتنا ليس بالجهيد؟! لا تفرغ منا الحياة حتى نفرغ من أنفسنا، وعند من يكتب فإن نفسه هي كتابته، ومتى توقف ترددت الحياة عن مداراته.
وفعل الكتابة هو فعل مقصود، وفعل سكون، وفعل امتلاك؛ إنك تقصد أن تكتب، ثم تخرج من العالم لتسكن وتكتب، ثم تتحمل مسؤولية ما كتبت عبر امتلاك ذاتك في مواجهة الآخر الموافق والمخالف لما كتبت.
لذا قلنا أن الكتابة فعل وليست رغبة، فالرغبة مهما كانت حثيثة غير أنها يرضيها أقرب ما تجد. أما الكتابة فما لم تبعد البعد الذي لا عودة بعده، فلن تقلّد صاحبها نخبة أنه كاتب.
فإذا لم تكن على استعداد للهروب منك، فلا تمارس الكتابة ويكفيك أن تتمناها.